تعود إشكالية حقوق الإنسان في الجزائر عبر ملف تجارة البشر واستغلال المهاجرين غير الشرعيين، إلى الواجهة من خلال التقرير الأخير لكتابة الدولة الأمريكية الذي يعيب على الجزائر عدم بذل ما يكفي من الجهود للقضاء على الظاهرة. التقرير ردت عليه الخارجية الجزائرية واعتبرته قائما على معلومات مشكوك فيها، فأين الخلل؟ لا شك أن كل الجزائريين شاهدوا في الأفلام الأمريكية عندما يقدم أي شرطي على توقيف شخص، يردد عليه عبارة “يمكنك التزام الصمت إلى غاية حضور محاميك...”. هذا الإجراء غائب في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، وأعوان الأمن من شرطة ودرك وضباط الأمن العسكري عندما يوقفون شخصا ويزجون به إلى مراكز الحجز، لا تتم مراقبتهم من أي سلطة كانت. ولا يمكن معرفة وجهة الشخص الموقوف ولا رؤيته إلى غاية تقديمه للعدالة. ويجمع المحامون أن “جل الاعتداءات على حقوق الإنسان في الجزائر تقع بين لحظة توقيف الشخص وساعة تقديمه أمام العدالة”. وهنا يبدأ الجدل بين المنظمات الحقوقية الدولية التي تتحدث عن مراكز اعتقال سرية في الجزائر والتعذيب والاختفاء... والسلطات الجزائرية تنفي ذلك وتقدم الأدلة بقانون إجراءاتها الجزائية الذي يتماشى في الواقع مع مقاييس احترام حقوق الإنسان. ويوجد لدى المجلس الشعبي الوطني مقترح تعديل لقانون الإجراءات الجزائية، أودع منذ السادس من الشهر الجاري، يحمل توقيع 120 نائبا يقودهم المحامي مصطفى بوشاشي. ويعتبر رقم 120 توقيعا رقما قياسيا بالنسبة لمقترحات القوانين التي سجلها المجلس عبر العهدات التشريعية المختلفة، ما يعطي لهذا المقترح الجديد حظوظا ليعرف مصيرا مغايرا لذلك الذي لقيته كل المقترحات السابقة. المقترح ينص على أحقية أن يستعين الموقوف لدى الشرطة أو الأمن بمحام”. وحسب أصحابه، فمن شأن المشروع أن يحل 80 في المائة من قضايا حقوق الإنسان المطروحة في الجزائر. كما من شأنه أن يضفي الشفافية على عمل المؤسسة العسكرية بشكل خاص، علما أن أعوان الشرطة القضائية تابعون لوزارة الدفاع الوطني ومجالات تدخلهم واسعة، آخرها مصالح قمع الفساد التي صدرت قائمة الضباط المعنيين بها في العدد الأخير من الجريدة الرسمية. ومن بين ما ورد في تقرير كتابة الدولة الأمريكية بخصوص تجارة البشر في الجزائر، أن الأجانب الموقوفين بتهمة الدعارة أو الهجرة السرية مثلا “لا يستفيدون من تعيين محام آليا...”. فمتى يصبح التزام الصمت إلى غاية حضور المحامي حقا أساسيا من حقوق الموقوفين في الجزائر؟ بوشاشي الذي اتصلت به “الخبر” لمعرفة آخر تطورات مقترحه التعديلي، لا يدري إن كان النص سيحال على الحكومة الحالية وهل سترد هذه الأخيرة... أم أن الأمر يتطلب انتظار مرحلة ما بعد 2014 أو أكثر.