أبدى بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، ارتياحا لمضمون تقرير اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان السنوي، وقال إنه “يكشف حقائق مثيرة”. فيما ذكر الناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، أن اللجنة “كان ينبغي أن توجه انتقاداتها للنظام الذي لا يؤمن بحقوق الإنسان”. أوضح غشير في اتصال مع “الخبر”، بخصوص الملاحظات الصارمة التي وردت في تقرير لجنة فاروق قسنطيني، خاصة ما تعلق بتفشي الفساد ورداءة جهاز القضاء، أن اللجنة (التي ترفع تقاريرها السنوية إلى رئاسة الجمهورية)، “خطت خطوة كبيرة إلى الأمام، بعدما كانت مجاملة للنظام بعد تأسيسها عام 2001، بل وكانت أحيانا متواطئة”. وذكر غشير أن التقرير “يكشف أشياء خطيرة، وإن كان يبدو لطيفا نوعا عندما يحاول إضفاء مبررات على بعض الممارسات التي تمس بحقوق الإنسان”. ويعتقد غشير أن ملاحظات لجنة قسنطيني، “خطوة إيجابية في مسار اللجنة تستحق الثناء، ونتمنى مبادرات أكثر شجاعة وجرأة في الكشف عن خروقات حقوق الإنسان والتنديد بها”. وأضاف: “حقوق الإنسان بالجزائر تعيش حاليا أسوأ أيامها، إذ حتى في عز الإرهاب لم نشعر بالتضييق والاختناق كما نشعر به اليوم”. وجاء في تقرير لجنة قسنطيني، الذي نشرت “الخبر” أهم أجزائه في عدد، أمس، أن “سلطة القضاة لا محدودة أمام المواطن البسيط، وفي غاية التواضع أمام أصحاب النفوذ”، وإن “الحبس الاحتياطي إهانة بشعة للجزائريين”، وأشياء أخرى كثيرة، تفيد بأن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد سيئة. ودعا البرلماني والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، في اتصال به، إلى “عدم المبالغة في انتقاد جهاز القضاء.. فالتقرير يتحدث عنه وكأنه سلطة مستقلة، بينما القضاء هو إحدى أدوات النظام السياسي غير الديمقراطي، لذلك فأي محاولة للتعاطي مع حقوق الإنسان في بلادنا، ينبغي أن تنظر إلى طبيعة النظام وتتوجه إليه بالانتقاد، وليس إلى ذراع من أذرعه”. وقال بوشاشي إن وضعية حقوق الإنسان “لم تتطور تماما في السنوات الأخيرة، سواء في الممارسة أو في التشريعات، يكفي الاطلاع على تقارير التنظيمات الحقوقية المحلية والأجنبية للتأكد من ذلك”. وأوضح بوشاشي، في رد فعله على تقرير لجنة قسنطيني: “لا يمكن لنظام تسلطي أن ينتج بيئة تشريعية لمصلحة حقوق الإنسان وحرياته. أما الآليات التي يضعها بزعم حماية الحقوق، فهي غير مستقلة ولا يمكن أن تؤدي مهمة نبيلة كوقاية الحقوق من الانتهاك... طبيعة النظام غير الديمقراطي تؤدي بالضرورة إلى حدوث انتهاكات خطيرة، ولا أعتقد أنه بإمكان إصلاح أي شيء مع استمرار النظام الحالي”. ويذكر بوشاشي أن آليات، كهيئة الوقاية من الفساد وديوان قمع الفساد، لا تملك استقلالية تمكّنها من أداء مهمتها “فمشروعيتها تستمدها من قرار تعيين أفرادها، وليس من القانون. ومن يعيّن هؤلاء هو رأس السلطة التنفيذية”. واعتبر إقامة مثل هذه الآليات “ديكورا يستعمله النظام لتزيين صورته ومحاولة ترك الانطباع عن وجود عمل في اتجاه احترام حقوق الإنسان”. وأضاف بوشاشي، الذي ترأس من قبل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: “في الدول الديمقراطية، توكل للسلطة القضائية مهمة محاربة الفساد والتصدي لانتهاك حقوق الإنسان. ولكن عندما يكون القضاء غير مستقل، كما هو الحال في الجزائر، ويكون التعيين للمناصب فيه خاضعا لرغبات رئيس الجمهورية، وتجري فيه المتابعات القضائية بناء على قرارات سياسية في الملفات الكبيرة، كما كان الحال في ملف الخليفة، لا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان”. وتساءل: “أي قضاء هذا الذي لا تملك فيه النيابة حرية متابعة المسؤول السياسي إذا تورط في الجريمة؟”.