تباينت تقديرات الحقوقيين لمستقبل الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، التي طال انتظار تفعيلها، وتم تنصيب تشكيلتها أمس، في حين ينتظرها عمل كبير وشاق بالنظر إلى فضائح الفساد التي طالت مؤسسات كبرى، وتورط فيها مسؤولون مركزيون، وهو ما جعل الهيئات الدولية تلاحق الجزائر بشبهة الفساد وتضعها على رأس قائمة الدول المتهمة بوشاشي: الهيئة غير مجدية للقضاء على الآفة لأنها غير مستقلة لم يلق تنصيب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته صدى إيجابي لدى الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، حسب ما أوضحه رئيسها مصطفى بوشاشي، الذي ربط مكافحة ظاهرة الفساد باستقلالية القضاء، وأعطى حكما مسبقا بفشلها في تحقيق النتائج المرجوة من استحداثها. وقال إن تنصيب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، أول أمس، غير مجد، وأن “إنشاءها لا يمكن أن يحقق النتائج المرجوة”. وأطلق، أمس، رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، مصطفى بوشاشي، في تصريح ل”الفجر”، حكمه المسبق على فشل الهيئة الجديدة للوقاية من الفساد ومكافحته، لاعتقاده أن مكافحة الفساد تنطلق من جهاز القضاء، الذي يجب أن يتمتع بالاستقلالية التامة، وقال “أعتقد أنه في دولة اللاقانون يصبح إنشاء هيئات وآليات لمحاربة الفساد، أمر غير مجد، لأن الفساد ظاهرة عامة في البلاد، وأنه يفترض أن تكون هناك استقلالية تامة للقضاء، لكي نتمكن من مكافحة الآفة”، مضيفا أنه في “غياب دولة القانون وإرادة سياسية لتطبيق القانون وفي غياب مؤسسات حقيقية ومستقلة، لا يمكن انتظار نتائج إيجابية من اللجنة الجديدة”، وفق تعبير المتحدث. وعلى عكس موقفه، رحبت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، بالإعلان الرسمي عن تنصيب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، وثمن رئيسها، فاروق قسنطيني، الخطوة، ورأى في شخص رئيسها، إبرهيم بوزبزجن، إنه “قادر على تحمل المسؤولية التي أسندت له رغم ثقلها ورغم حساسية المهمة”. وقال، أمس، فاروق قسنطيني، في تصريح ل”الفجر”، إن رئيس اللجنة وبقية أعضائها أشخاص نزهاء ومتكونين ويتمتعون بمستوى فكري عال”، و أضاف أنها صفات “تؤهلهم لتولي لجنة بحجم وثقل وأهمية الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته”، موضحا أن اللجنة ستكون فعالة وسيكون لها دورا كبيرا في القضاء على ظاهرة الفساد، “رغم الصعاب التي ستواجهها بحكم طبيعة الظاهرة وتجذرها في الكثير من مؤسسات الدولة، وبسبب الانتقادات التي قد تواجهها في عملها”، مؤكدا أنه مادام اختيار أعضائها “كان سليما”، فإنه يجب انتظار الكثير من النتائج الإيجابية منها. وعبر رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، عن ثقته الكاملة في الهيئة الجديدة، مشيرا إلى أن كل الانتقادات السلبية التي ستوجهها بعض الأطراف، “أمر طبيعي ولن يمنعها من أداء مهامها”، بل بالعكس، فبحسب معرفته بأعضائها، وظروف العمل الجيدة التي ستوفر لهم، والحرية التامة والاستقلالية، سيشجع على إعطاء نتائج إيجابية لعمل اللجنة، التي ينتظر منها تقديم تقرير سنوي لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، حول ما قد تفعله في مجال الوقاية من الفساد والرشوة، وما تراه مناسبا من إجراءات جديدة في هذا المجال.