الوِرْد الّذي هو صيغة من الذِّكر، تحوي كلمة التّوحيد والتّكبير والصّلاة على النّبيّ، وعند بعض الطرقية فيها الصّلاة على الحسن والحسين عليهما السّلام، وبعضهم يذكر الخلفاء الأربعة وآل البيت، بل إنّ الموروثات الشّعبية تروي مقتل الحسين في قصص درامية. ترى هل بقي ذلك منذ زمن الدولة الفاطمية الإسماعيلية العُبَيدية أم يعود إلى بعض المشايخ الصوفية؟ لكنّني أرى ذلك يتطلّب ربط العلاقة مع الدولة الإدريسية الّتي قامَت في المغرب الأقصى بفاس ثمّ امتدت إلى بقية شمال إفريقيا والأندلس، وهي دولة أقامها آل البيت من سلالة الحسن بن عليّ رضي الله عنه، وتوزّعت العائلات الإدريسية على بلدان المغرب العربي وكان لهم وضعًا اجتماعيًا ودينيًا متميّزًا، كوّن هؤلاء الأحفاد الأشراف تجمّعات وبعضهم انصهر مع البربر والعرب الهلاليين خوفًا من متابعة واضطهاد بعض الحكام، وظلّت بعض الدول المتعاقبة تعيّن نقيبًا للأشراف.ولا تزال بعض التصوّرات حاضرة اليوم في الوعي الشّعبي وفي مرويات بعض الملاحم الشّعبية كالاعتقاد بعدم موت عليّ بن أبي طالب وأنّ رائحة المسك الّتي تأتي في أنوفنا هي من مسكه الطاهر، وبعض العائلات يوم عاشوراء لا يكنسون بيوتهم دون معرفة سبب ذلك.التّسلسل التراتبي في العِلم والنّسب والطريقة، وغالبًا ما يكون الجَمع بين النّسب الدموي أي الانتساب لآل البيت والانتساب لسلسلة البركة من شيخ لآخر والإجازة العِلمية في الفقه والفتوى، إذن هناك ثلاث سلسلات: سلسة النّسب الشّريف وسلسلة البركة الّتي يتوسّط عقدها الجُنَيْد الصّوفي وعبد القادر الجيلاني وتنتهي بعليّ بن أبي طالب عليه السّلام، وسلسلة الإجازة العلمية الّتي يتوسّطها أحيانًا الحسن البصري وتنتهي كذلك عند عليّ بن أبي طالب. إذن الإمام عليّ هنا المورد العذب الّذي ينهل منه المتصوّفة نسبًا وطريقة وإجازة.هكذا كانت المهدوية في تاريخ المغرب العربي إمّا اعتقادًا وأساسًا لقيام دولة كالدولة الفاطمية لأبي عبيد الله الشّيعي، أو حاجة سياسية وعسكرية كما هو الحال في دعوة المهدي بن تومرت مؤسّس دولة الموحّدين أو جزء من التّنظيم والمعرفة الصّوفية، لكن في جميع الحالات كانت وعيًا رمزيًا يحمل دلالة الأمل والرّجاء والانتصار والمقاومة، واغتنت بالتجربة التاريخية وأصبحت جزء من الوعي الشّعبي في فضاء سنّي يحترم فيه الصّحابة جميعًا. باحث جامعي