أحال المجلس الشعبي الوطني على الحكومة مؤخرا مقترح قانون يعدل المادة 51 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية، يسمح للشخص الموقوف الاتصال بمحاميه بمجرد اعتقاله، ويضيف مادة جديدة تلزم ضابط الشرطة القضائية بتنبيه المشتبه بهم بحقهم في عدم الإدلاء بأي تصريح إلا في حضور الدفاع، مع الإشارة إلى ذلك في محضر الاستماع، وهي إجراءات جاءت بعد تسجيل حالات تعذيب واعترافات تحت الإكراه في الفترة التي تفصل عملية التوقيف عن المحاكمة. كشف المحامي والنائب بالمجلس الشعبي الوطني مصطفى بوشاشي، عن مبادرة تهدف إلى حماية حقوق الإنسان ومؤسسات الدولة، حظيت بتوقيع 120 نائب من جميع الكتل البرلمانية، جاءت بعد تلقي عدة شكاوى من الموقوفين وعائلاتهم تشير إلى تجاوزات على مستوى الضبطية القضائية في حق هؤلاء الموقوفين مباشرة بعد عملية الاعتقال. هذه الممارسات التي لا تتوافق مع حقوق الإنسان التي كرسها الدستور، وكانت مضمون شكاوى تلقاها محامون ومختصون، أشارت إلى “خلل” كبير في تطبيق قانون العقوبات الحالي، من خلال حرمان الموقوفين من حقهم في الاستعانة بمحام أو حتى إبلاغ عائلاتهم وذويهم بمجرد توقيفهم وإحالتهم على الضبطية القضائية. وقال بوشاشي بصفته صاحب المبادرة، إن الأمر يتعلق بتعديل قانون الإجراءات الجزائية المعمول به حاليا، خصوصا المادة 51 مكرر 1 التي تنص على: “يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يضع تحت تصرف الشخص الموقوف للنظر كل وسيلة تمكنه من الاتصال فورا بعائلته”، حيث تضمن التعديل بحسب محدثنا، “..ومحاميه “ فيما تضمنت المادة الجديدة المستحدثة “من حق المشتبه فيه الموقوف للنظر من طرف الضبطية القضائية أن يطلب الاستعانة بمحام وأن لا يدلي بأقواله إلا بحضور دفاعه.. ويجب على ضابط الشرطة القضائية أن يضمن محضر سماع الشخص الموقوف للنظر، أنه تم تنبيهه إلى هذا الحق”. ولجأ المحامي بوشاشي إلى هذا التعديل، حسبه، بعد عدة تجاوزات تم تسجيلها خلال عملية الاستماع إلى الموقوفين، تتعلق بالتعذيب والاعتراف تحت الضغط من طرف ضابط الشرطة، وهو ما كان محل شكاوى من قبل هؤلاء خلال المحاكمة، حيث تضع تصريحات المشتبه بهم التي تؤكد أنه لا علاقة لهم بالأقوال المنسوبة إليهم في محضر الاستماع، القاضيَ في حالة حرج وارتباك، خاصة بعد تسجيل ارتفاع عدد الحالات، منذ يوم إلقاء القبض على الشخص إلى غاية تقديمه إلى العدالة. وبتمكين الموقوف من محام وعدم الإدلاء بأي تصريح إلا في حضوره، فإن الضبطية القضائية لن تتجاوز حدودها بحسب المحامي بوشاشي، ما سيساعد على وقف هذه التجاوزات، ويسمح للقاضي بإصدار حكمه وهو مرتاح الضمير ودون أي شكوك أو ارتباك، وعليه فإن المقترح الذي حظي بموافقة مكتب المجلس الشعبي الوطني لن يحمي الشخص المشتبه به فقط، بل أيضا مؤسسات الدولة باعتبار أن عمليات التعذيب معزولة وغير صادرة عن الهيئات الرسمية التي ينتمي إليها المستجوِبون، كما أنه يكرس حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور. وأكثر من ذلك، يقول، فإن مقترح تعديل المادة 51 مكرر 1 وإضافة مادة جديدة إلى قانون الإجراءات الجزائية المطبق حاليا، من شأنه مرافقة الإصلاحات التي يعرفها قطاع العدالة، في إطار تكريس دولة القانون، خاصة أن أغلب الدول تعمل اليوم في هذا الاتجاه، لأنه يحمي حقوق الإنسان ويحافظ على حق المشتبه به، باعتبار أن الفترة التي تفصل عملية توقيفه عن محاكمته حرجة جدا، ولا بد من اتخاذ جميع التدابير لتجنب حصول أي تجاوزات خلالها.