تستدعي حالة التدهور التي تعاني منها محطات الراحة والخدمات على الطريق السيار شرق غرب، طرح تساؤلات عديدة بسبب عمد بعض المسافرين إلى تخريب وإتلاف كل ما يمكن أن يضفي الارتياح لديهم، في ظل صمت مقلق من جانب شركة نفطال المشرفة على تسيير هذه المحطات، وبالتالي تحمل خسائر معتبرة في عمليات الصيانة والترميم وتعويض النقص في المرافق التي لم تتآكل بفعل الاستغلال، وإنما بأيدي من وضعت لهم للاستفادة منها.
بحيرة عين زادة ببرج بوعريريج أيادٍ امتدت إلى مظاهر التمدن فخربتها شكلت تسمية محطة الخدمات بحيرة عين زادة على الطريق السيار ببرج بوعريريج أول الانتقادات التي عرفت إجماعا بين من حدثناهم من المسافرين وعمال المحطة، معتبرين التسمية تغليطا للمسافر، كون المحطة تقع في منطقة سيدي الزيتوني ببرج بوعريريج وتبعد عن سد عين زادة القريبة من ولاية سطيف بحوالي 40 كيلومترا، مطالبين بتصحيح الخطأ. ما أن دخلنا إلى مقهى محطة الخدمات حتى بادرنا أحد الشباب المكلفين بالنظافة بالتعبير عن تذمره من انعدام الحس المدني والسلوك الحضاري لدى بعض المسافرين، وأشار متذمرا إلى الأوراق وبقايا السجائر المرمية على الأرض رغم وجود سلات المهملات، معلقا “رغم توسلاتنا أحيانا وأسلوب التوبيخ أخرى، فإن الإصرار على هذا التصرف البدائي يكاد يشكل الإجماع، علما أن المسافر هو المطالب الأول بالحفاظ على نظافة المحطة، ولا تنتهي بدائية سلوك البعض عند هذا الحد إذ امتدت الأيدي إلى حنفيات المراحيض وأجهزة التنظيف الحديثة، ليس في مراحيض الرجال فحسب، بل حتى في مراحيض النساء”. ولم يمر أكثر من أربعة أشهر حتى تحولت المحطة إلى خراب، أجبر المشرفين عليها على غلقها أحيانا، رغم محاولات تجديد هذه الأجهزة أكثر من مرة على أمل تحسن سلوك المسافر الجزائري، وارتفاع حسه الحضاري، لكن الواقع أثبت العكس، وكشف عن أنانية الفرد وافتقاد البعض للتمدن. وقد فرض الوضع على أعوان الأمن تفتيش بعض العابرين، ما تسبب في مشاكل يومية، حتى في المتجر رغم وجود كاميرات الحراسة، واشتكى العاملون من تعرضهم للإهانة من طرف بعض المسافرين، مطالبين بتدعيم الأمن. ولتأكيد هذا الوصف التشاؤمي، طلب منا أحد عمال النظافة مرافقته إلى محطة وقوف الشاحنات والسيارات التي تحولت إلى مزبلة لقارورات الماء وزيت التشحيم وأكياس بلاستيكية من بقايا شاحنات النقل التي تقضي ليلتها فيها. وفي غمرة الحديث عن واقع محطة الخدمات ببرج بوعريريج على الطريق السيار، تحدث أحد المسؤولين في إدارة المحطة بتحفظ عن ضرورة الاستثمار في الإنسان، من أجل رفع الوعي، وخلق أسلوب متمدن لدى المواطن أولا، كما أشار إلى تخلي البلدية عن النفايات في نهاية الأسبوع التي تشهد إقبالا كبيرا، علما أن معدل السيارات التي تتوقف في المحطة يصل إلى 700 مركبة يوميا. غادرنا المحطة التي لم يمض على افتتاحها أكثر من سنتين، وهي في وضعية مزرية كأنها تعود إلى عقد من الزمن، مازال فيها الجزائري لم ينفتح على الخارج ولم يطلع على مظاهر الرقي في المجتمعات القريبة والبعيدة ولم يتخلص من فكرة قطف الوردة لينفرد بشمها، أو ليؤكد لنفسه أنها جزء من حقه المسلوب في أعلى المراتب، فينتقم لنفسه من نفسه، فتذبل الوردة قبل أن يتمتع برائحتها، بعد أن حرم الجميع منها. برج بوعريريج: بوبكر مخلوفي
محطتا بابور بسطيف ترهيب وضرب عمال المحطات.. سلوكات يومية في ولاية سطيف التي تعرف وتيرة نمو اقتصادي وتوسع عمراني مطردة منذ سنوات، لا ينجو عمال محطتي بابور في الاتجاهين من سوء معاملة مستعملي الطريق السيار شرق غرب، وفي كثير من الأحيان يتعرضون لمحاولات الاعتداء والضرب إذا ما تدخلوا من أجل النهي عن تخريب وإتلاف المرافق. وبالمحطة الواقعة بالاتجاه المؤدي إلى الجزائر العاصمة، توقفت “الخبر” عند الروائح الكريهة التي تشد انتباهك، بسبب انسداد بالوعات تصريف المياه المستعملة والمراحيض. كما يشدك منظر طوابير المسافرين أمام المراحيض العمومية الموجودة خارج المبنى الرئيسي للمحطة، بعد أن عمدت إدارتها لغلق المراحيض الداخلية. ومثلما هو الحال في غليزان، لم تسلم مرافق محطة بابور من الإفساد وتكسير الحنفيات وتجهيزات بيوت الخلاء واختفاء حاملة الصابون السائل، ناهيك عن انعدام أقفال عدد من الأبواب. ويرجع مسؤولو المحطة ومواطنون تدهور وضعيتها إلى سلوكيات مستعملي الطريق السيار. وبعيدا عن المراحيض، سجلت “الخبر” أعطابا في جهاز تزويد العجلات بالهواء بالمحطتين، في حين وجد البعض شباك سحب النقود معطلا مؤقتا. ويلاحظ الكثير من المتوقفين في المحطتين الانتشار الكبير للقارورات والأكياس البلاستيكية تحت جذوع الأشجار والمساحات المحاذية لموقف المركبات ذات الوزن الثقيل. ومن أعمال التخريب إلى سوء المعاملة التي يتعرض لها العاملون الذين صاروا يهانون بلا مبرر، ما أدى بالكثير منهم إلى التزام الصمت والاكتفاء بالمشاهدة وفقط، مخافة تعرضهم لأي مكروه. سطيف: ع. ربيڤة
الأولى من حيث الإنجاز والتجريب محطة “يلل” النموذج صارت “خرابة”
بحلول الفاتح ديسمبر المقبل، تطفئ محطة الخدمات بالطريق السيار شرق غرب الواقعة في بلدية يلل بولاية غليزان شمعتها الثانية منذ دخولها حيز الخدمة والاستغلال، بعد ما عرفت على أنها المحطة الخدماتية الأولى وطنيا على مستوى ما اصطلح عليه بمشروع القرن. منذ ذلك الوقت، أصبحت المحطة نقطة هامة في التزود بمختلف أنواع الوقود لمستعملي المركبات على مستوى هذا الطريق المترامي الأطراف، الذي يربط حدود دولتين، فلا مفر من التعريج عليها وعقرب العداد يقترب من الصفر، فكانت بذلك مقصد العشرات إن لم نقل المئات يوميا من المركبات من مختلف الأنواع والأحجام. ورغم ما عرفته الكثير من المحطات عبر الوطن من ندرة في الوقود خلال الصائفة الماضية، إلا أن محطة الخدمات هذه ظلت تحافظ على ديمومة تواجد مختلف الأنواع من الوقود دون انقطاع عدا بعض الطوابير المناسباتية التي تحدث خلال نهاية الأسبوع أو الأعياد الدينية. وتعتبر محطة يلل نموذجا لمشروع محطات الوقود على طول الطريق السيار شرق غرب وحازت على اهتمام ثلاث وزارات هي النقل والطاقة والمناجم والأشغال العمومية، خاصة هذه الأخيرة، حيث كان وزيرها السابق عمار غول يزورها منذ بداية الأشغال بها. مقاييس دولية وبخلاف ما يعتقده البعض، فإن محطة الخدمات يلل بغليزان أنجبت توأما في صورة طبق الأصل بمحطة شمالية يقصدها المتجهون إلى الجزائر العاصمة وأخرى جنوبية باتجاه الجهة الغربية من الوطن، يتوسطهما الطريق السيار باتجاهيه، تتربع كل واحدة منهما على مساحة 12 هكتارا، 5 منها تأوي المرافق والأجنحة المختلفة التابعة للمحطة والبقية عبارة عن مساحات خضراء وحظائر لركن المركبات بمختلف أحجامها، ومساحات أخرى لم تستغل بعد هي مخصصة لمرافق فندقية وأخرى ترفيهية قد تنطلق بها الأشغال لاحقا. أما المحطة في حد ذاتها، فهي عبارة عن ورشة كانت تدب فيها الحركة ليل نهار، بها 20 آلة توزيع موزعة على سبعة أروقة، 2 منها مخصصان للوزن الثقيل، وبإمكانها تزويد 16 مركبة في آن واحد بمختلف الوقود وتناوب على السهر على تسييرها على مدار اليوم 4 فرق، يتقدمهم رئيس فرقة ورئيس محطة، فهي مزودة بمولد كهربائي في حال انقطاع الكهرباء وصفيحة للطاقة الشمسية يدخلان في تشغيل مختلف الوسائل التي من شأنها تقديم الراحة لزبائن المحطة، يوجد من ضمنها فضاء تجاري ومقهى ومصلى ودورة للمياه، روعي فيها الشيوخ وذوو الاحتياجات الخاصة وحتى الرضع لتغيير بعض مستلزماتهم اليومية. دوام الحال من المحال كانت الصدمة عنيفة.. فبين الصورة الأولى والواقع مسافة طويلة.. لقد وقفت “الخبر” مطولا عند هذه المرافق وبالذات حول ما لحقها من إضرار متعمد بغرض التخريب أو السرقة، إذ غابت الحنفيات الأصلية ذات اللون الفضي واستبدلت بأخرى نحاسية، كما غابت مجففة الأيادي وبعض قواطع الكهرباء وأتلفت أقفال بعض الأبواب وتعطلت آلات توزيع المشروبات. نسبت هذه الأفعال والظواهر السلبية التي يشجبها كل من سألتهم “الخبر” لعديمي الضمير وفاقدي الحس المدني وبخاصة إلى أنصار فرق كرة القدم، حيث ثبت إتيانهم على الأخضر واليابس بسبب ما يزرعونه من رعب لدى عمال المحطة عند مرورهم بها سواء في الذهاب أو الإياب، ما جعل القائمين عليها يغلقون احترازيا الفضاءات التجارية والمقهى الذي أصبح عرضة للسرقة لدى هذه المجموعات. وأمام الوضعية المتكررة لأشباه هؤلاء الأنصار المتهورين، استلزم الأمر الاستنجاد بقوات أمنية خاصة لحماية المنشأة. مراقبة بالكاميرات وأمام مثل هذه الوضعيات، طالب البعض بوضع كاميرات مراقبة، كما اشتكى عمال الصيانة والنظافة من الرمي العشوائي لمختلف المأكولات والأغراض في كل مكان مثل بقايا الفواكه وعلب الياغورت والقارورات التي وجدت في قاع دورات المياه، رغم من حرصهم الشديد على إرشاد زوار المحطة إلى الأماكن المخصصة لرمي القمامة، المتواجدة والموضوعة في أماكن عدة من أرجاء هذه المنشأة. في حين راح البعض يشعل السجائر رغم الإشارات المنبهة لخطورة ذلك، كما لفت انتباهنا ونحن نجوب أرجاء المحطة تواجد مفرغة عشوائية على بعد أمتار فقط تجلب الأنظار. وبالرغم من كل ذلك، فقد ثمّن بعض المغتربين توفر مثل هذه المحطات وطالبوا الجميع بالمحافظة على هذا المكسب، مع مطلب توفير صيدلية ومكتبة لبيع مختلف الصحف والجرائد اليومية التي برأيهم يرونها ضرورية، على غرار ما تشهده محطات البلدان التي يعيشون فيها. غليزان: عبد القادر بن حجار