تستورد الجزائر غالبية بترولها المستعمل في تصنيع الزفت وزيوت السيارات والمصانع بالعملة الصعبة، لا لأنها لا تمتلك بترولا ولكن لأن بترولها خفيف ولا يمكن استخلاص الزفت والزيوت الصناعية منه، ورغم الأموال الصعبة التي تصرف على هاتين المادتين، إلا أن مؤسسات القطاع الخاص الجزائرية تشتكي احتكار شركة ”توتال” الفرنسية لغالبية الكمية، ولا تبيع لهم سوناطراك ولا لترا واحدا من الزيوت الصناعية. هذه الظاهرة شملتها التحقيقات في فضيحة سوناطراك2، حيث ذكرت مصادر قضائية أن مصالح الأمن استمعت إلى بائعي الزيوت الصناعية بالجملة، وذكر أغلبهم أن شركة سوناطراك وسلطة ضبط المحروقات رفضت منحهم حصتهم المنصوص عليها قانونا من الزيوت القاعدية، المدعمة من قِبل الدولة. وأجبرهم هذا الوضع على شراء كميتهم المعهودة من شركة ”توتال”، التي ترفع في سعر المادة بالنظر إلى أنها تحصل عليها كاملة التصنيع من مصنع أرزيو لتكرير النفط، وبسعر يقل 40 في المائة عن السعر العالمي للزيوت القاعدية المكررة من النفط. وذكرت المصادر أن التحقيق شمل شكاوى مصنعي الزيوت الصناعية من المعاملة نفسها، حيث صرح أحدهم للمحققين، وهو من منطقة صناعية شرق العاصمة، أنه منذ عام 2007 (العام الذي بدأت فيه ”توتال” النشاط في الجزائر)، لم يحصل على لتر واحد من الزيوت القاعدية المدعومة من قِبل الدولة. وأفادت المصادر أن المحققين بصدد تحديد المسؤولين عن هذا الاحتكار لفائدة المتعامل الفرنسي. وتوصل المحققون إلى أن المستوردين يضطرون إلى استيراد المادة الأولية من الخارج، رغم أنها متوفرة في السوق الوطنية، وهو ما يعتبر تبذيرا للعملة الصعبة، وهذا هو حال كل المنتجين في السوق الجزائرية، حيث يستوردون كل ما يحتاجونه من الخارج، في حين أن أحدهم يوجد في منطقة صناعية بولاية وهران ومصنعه قريب من مصنع تكرير سوناطراك كما أنه في ميدان المحروقات منذ سنوات طويلة. وأكد العاملون في مجال الزيوت الصناعية، في التحقيقات، أنه حتى شركة نفطال الذراع التسويقية لسوناطراك لم تسلم من المحاباة غير المفهومة التي تتمتع بها ”توتال”، والتجأت هي الأخرى إلى الاستيراد من بلغاريا وبلجيكا واليونان، وقد اشترت نافطال من بلجيكا زيوتا تصنعها سوناطراك في الجزائر، بعد شراء البترول الكويتي والإيراني بالعملة الصعبة ثم تكريره بدعم من الدولة لصالح السوق الجزائرية، وهو ما لم يفهمه العديد من المتعاملين الاقتصاديين. وتضم قائمة الزيوت التي تشتريها نفطال من بلجيكا، ويمكن تصنيعها في الجزائر، لكنها الآن تعلّب لصالح شركة ”توتال” 20W40 و15W40 والشحوم الصناعية التي كانت كلها تصنع في الجزائر، إلا أنها الآن تستورد من البلدان الأوروبية السابق ذكرها.