مراسلات من السلطات الأوروبية تؤكد تورّط شركات وهمية مازالت أموال الجزائريين من العملة الصعبة تهرّب نحو أوروبا ودول أخرى، بالرغم من تشديد الحكومة والبنك المركزي الرقابة على جميع التعاملات الخاصة بالتجارة الخارجية، حيث ارتفعت قيمة الأموال الصعبة المهرّبة من الجزائر نحو الخارج، كان آخرها تلك التي صرّح بها المدير العام للجمارك، عبدو بودربالة، أول أمس، من وهران، والذي أكد تهريب ما قيمته 4 ملايين دولار من بجاية. وأكدت مصادر مقرّبة من الوزارة الأولى، ل«الخبر”، أن ”العملة الصعبة الجزائرية تهرّب نحو الخارج بطرق قانونية، في إطار عمليات استيراد أو تصدير في إطار القرض المستندي الذي يسمح بتسديد مستحقات المموّن قبل وصول السلعة، التي يتبيّن فيما بعد بأنه لا قيمة تجارية لها”. في هذا الإطار، كشفت المصادر ذاتها عن أهم العمليات التي تم فيها الاحتيال على الجزائر وسرقة أموالها من العملة الصعبة، كان آخرها استيراد حاويات من الحجر من شنغهاي والرمل من دول أخرى عبر ميناء الجزائر، مصرّح بها على أنها ”عتاد وتجهيزات للاستثمار” في الجزائر، ليتبيّن فيما بعد أنها مجرد عتاد بالٍ دون قيمة تجارية يتم التخلي عنه للتهرّب من دفع الحقوق الجمركية، بعد أن حُوّلت مقابله مبالغ هامة من العملة الصعبة. في الإطار نفسه، أسرّت المصادر ذاته إلى أنه في إطار التحقيقات البعدية التي كثفت منها مديرية الجمارك تبيّن أن معظم المتورطين في قضايا تهريب العملة الصعبة لا يتم التوصل إلى الكشف عن هويتهم، خاصة وأن السجل التجاري يتم كراؤه في أغلب العمليات، ما يصعّب من مهمة الوصول إلى المتورطين. وحسب المصادر نفسها، فإن مراسلات من قِبل جمارك العديد من الدول، خاصة منها الأوروبية مثل سويسرا وفرنسا وبلجيكا، التي وقّعت على اتفاقيات تعاون مع نظيرتها الجزائرية، أكدت بأنه لا أثر للشركات الأجنبية المتعاملة مع المحتالين والمهربين للعملة الصعبة الجزائرية، حيث بيّنت التحقيقات التي قامت بها هذه الأخيرة بأن الأمر يتعلّق بحسابات تابعة لشركات وهمية، يتم فور انتهاء العملية تحويل الأموال الصعبة منها إلى حسابات أخرى. وبخصوص عملية تحويل 4,1 ملايين دولار من بجاية، أكدت مصادر مطلعة من الجمارك، ل«الخبر”، أن الأمر يتعلق بتزوير في فواتير شراء عتاد، تبيّن عند وصوله إلى الجزائر قادما من الصين أنه دون قيمة تجارية، حيث تخلى عنه أصحابه بالميناء دون جمركة بعد أن تم كشف أمرهم. وأكدت التحقيقات الأولية للجمارك على أن السجل التجاري للشركة المعنية بتهريب هذا المبلغ الهام من العملة الصعبة مسجل في بئر العاتر بولاية تبسة، ما يفسّر، حسب المصادر نفسها، تورّط مهرّبي الحدود في تهريب العملة الصعبة وتبييضها في دول أخرى وحسابات بنوك أجنبية.