عاش ميناء سكيكدة، خلال الأيام الأخيرة، على وقع ”زلزال” حقيقي، بعد إحباط مصالح الجمارك لثلاث عمليات تهريب خطيرة، تتعلق بكميات ضخمة من المفرقعات والألعاب النارية، ذات الأنواع والأحجام المختلفة، كان وراءها كبار ”بارونات” البضائع المحظورة، الذين سقطوا تباعا وبحوزتهم بضاعة قيمتها 35 مليار سنتيم. كشفت تحرياتنا حول هذه العمليات الخطيرة، التي شهدها ميناء سكيكدة، أن مصالح مفتشية أقسام الجمارك أطاحت برؤوس كبيرة في عالم استيراد وتهريب البضائع المحظورة، في ظرف أقل من أربعة أشهر. ومكّنت مصالح الأمن من اكتشاف وتفكيك شبكات إجرامية دولية مختصة في التهريب، ألحقت أضرار بالغة بالاقتصاد الوطني، عناصرها ينحدرون من عدة ولايات من الوطن، بينهم مدير وكالة بنكية خاصة وأحد المنتخبين، رفقة المموّنين الأجانب من دولة الصين الشعبية، إضافة إلى موظفين في جهاز الجمارك تهاونوا في الإجراءات الجمركية، قبل حجز الحاويات المعبأة بالمفرقعات والألعاب النارية. بارونات المفرقعات يغازلون ميناء سكيكدة لأول مرة! استنادا إلى المعلومات التي تحصّلنا عليها من مصادر مطلعة على هذا الملف، فإن المستوردين الذين حاولوا تهريب كميات ضخمة من المفرقعات والألعاب النارية، المقدّر عددها بأكثر من 120 مليون وحدة من مختلف الأنواع، في ظرف أقل من أربعة أشهر، والتي تم جلبها من دولة الصين، داخل حاويات من حجم 40 قدما، كشفت التحقيقات المتعلقة بشأنهم بأن محاولاتهم تهريب هذه البضاعة المحظورة، تعتبر أول نشاط تجاري لهم عبر ميناء سكيكدة، الذي دخلوه لأول مرة، رغم قيامهم بعمليات استيراد لبضائع أخرى ”غير محظورة”، عبر عدة موانئ من الوطن، قبل إقدامهم على استيراد هذه البضاعة المحظورة، عبر ميناء المدينة، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول أسباب تبديل وجهتهم نحو ميناء سكيكدة، بالموازاة مع تجريم نشاطهم التجاري. وفي هذا السياق، أشارت مصادرنا إلى أن هؤلاء البارونات الذين يوصفون ب«كبار مهربي المفرقعات والألعاب النارية”، حاولوا التخطيط وتجريب حظهم عبر ميناء سكيكدة لأول مرة، لكن يقظة وإجراءات مصالح الجمارك، مكّنت من إحباط مخططاتهم وإسقاط الرؤوس المدبرة لهذه العمليات، خاصة بعدما سارعت مصالح الجمارك، إلى إصدار قرار بحجز جميع البضائع التي ثم استيرادها من قِبل هؤلاء المستوردين، ولو كانت بضاعة غير محظورة، وذلك عبر جميع موانئ الوطن. التفاصيل الكاملة لعمليات إحباط تهريب 7 حاويات من المفرقعات لقد كانت الضربة الأولى لهؤلاء المهرّبين، خلال نهاية شهر أفريل الماضي، حينما تمكّنت مصالح مفتشية أقسام الجمارك بولاية سكيكدة من إفشال محاولة تهريب كميات هائلة من المتفجرات والألعاب النارية، عبر ميناء المدينة، كان قد جلبها أحد المستوردين، المنحدر من مدينة زرالدة بالجزائر العاصمة، على متن إحدى بواخر النقل البحري للحاويات، القادمة من دولة الصين، حيث أشارت مصادرنا إلى أن محاولة تهريب هذه الكمية الهائلة من المتفجرات والألعاب النارية، وإدخالها إلى الوطن عبر ميناء سكيكدة، تفطّنت لها مصالح مفتشية أقسام الجمارك، آنذاك، خلال عمليات الفحص الدقيقة التي سهر على متابعتها رئيس المفتشية، والتي جاءت بعد ورود معلومات لدى مصالح الجمارك حول محاولة تهريب بضائع محظورة عبر ميناء سكيكدة، حيث شملت عملية الفحص حاوية من حجم 40 قدما، جلبها أحد المستوردين غير المعروف بنشاطه على مستوى ميناء سكيكدة، والذي كتب في بيان الشحن، المصرح به لدى مصالح الجمارك والمؤسسة المينائية، أن البضاعة المستوردة من الصين هي عبارة عن علب من البسكويت، لكن عمليات الفحص والتفتيش كشفت عن وجود 224 علبة كرتون من الحجم الكبير، معبأة بالحلويات والبسكويت، كانت تخفي وراءها بإحكام، 1038 علبة كرتون ذات الحجم الكبير معبأة بكميات هائلة من المتفجرات والألعاب النارية، والتي قدرتها مصادرنا بأكثر من 6 ملايين و900 وحدة، وقد كان هذا المستورد يحاول تغليط مصالح الجمارك وتهريب البضاعة المحظورة نحو مكان مجهول. وحسب المصادر ذاتها، فإن قيمة البضاعة المحظورة، مع البضاعة التي كانت تخفيها والمتعلقة بالغش في التصريح، بلغت حوالي 4 ملايير سنتيم، قبل أن يتم حجز الحاوية بكل البضاعة التي كانت على متنها، بحضور المحضر القضائي. وتم فتح تحقيق في القضية، بالموازاة مع تحرير مخالفة ضدّ المتورطين، وإحالة الملف على العدالة، قصد استكمال الإجراءات القانونية اللازمة. عملية ثانية تزلزل الميناء بعد 40 يوما بعد مرور حوالي شهر ونصف فقط عن تاريخ العملية الأولى، تمكّنت مصالح الجمارك من إحباط العملية الثانية، بالتنسيق مع مصالح الشرطة القضائية بأمن الولاية، وهي العملية التي ”زلزلت” الميناء ووصفت بأكبر محاولات تهريب المفرقعات والألعاب النارية بالجزائر. واستنادا إلى مصادرنا، فإن العملية تمت إثر ورود معلومات لمصالح الجمارك ومصالح الشرطة حول احتمال وجدود بضاعة محظورة داخل أربع حاويات، جلبها صاحب شركة للإنتاج الصناعي للأثاث ومشتقاته، مقرها ولاية قسنطينة، وذلك على متن إحدى بواخر النقل البحري، القادمة من ميناء ”نينقبو” بجمهورية الصين الشعبية، مرورا بميناء مالطا، وذلك بتاريخ 15 جوان الماضي، حيث قدّم المعني، الذي يستورد لأول مرة عبر ميناء سكيكدة، تصريحا لمصالح الجمارك بأن البضاعة عبارة عن كمية كبيرة من القماش، لكن المعلومات التي وردت لمصالح الجمارك دفعتها للتعجيل ببرمجة الفحص الدقيق لهذه الحاويات. بالموازاة مع ذلك تنقلت مصالح الشرطة إلى عين المكان، بعدما تمكنت من اصطياد المعلومات المتعلقة بالعملية، التي وصفت بالأكبر على مستوى الوطن، وذلك بترخيص من وكيل الجمهورية، حيث تمت عملية الفحص الدقيق للحاويات الأربع، ليتبين أنها معبأة بكميات ضخمة من المفرقعات والألعاب النارية، التي قدرت قيمتها الأولية بأكثر من 22 مليار سنتيم، وهي العملية التي جعلت الميناء ومقر مفتشية أقسام الجمارك يعيشان حالة طوارئ حقيقية، حسب ما وقفت عليه ”الخبر”، آنذاك، خاصة وأن مجريات التحقيق الذي قامت به الفرقة الاقتصادية والمالية للشرطة الاقتصادية مكّنتها من تفكيك شبكة دولية خطيرة مختصة في الجرائم المنظمة، يمتد نشاطها إلى خارج التراب الوطني، بعدما تم تقسيم الأدوار على جميع أفراد هذه العصابة الخطيرة، بداية بطرق تكوين الملف، إلى غاية إدخال البضاعة المحظورة، ومحاولة جمركتها باستعمال النفوذ. كما كشفت التحقيقات، أيضا، أن هؤلاء ”البارونات” يقومون بكراء سجلات تجارية، وفي بعض الأحيان يبحثون عن أشخاص من أجل إغرائهم لإنجاز سجلات تجارية ذات نشاط صناعي، حيث يتكفلون بكل المصاريف المالية، رفقة مختلف الإجراءات المرافقة، على غرار كراء محل تجاري بغرض التهرب من أنظمة المراقبة التي تقوم بها فرق القمع والجودة لمديرية التجارة، وإبقاء العملية محصورة بين وكلاء العبور المعتمدين لدى الجمارك وموظفي الجمارك، إضافة إلى فتح حسابات بنكية بغرض التمويه. وهي العملية التي تتم بتواطؤ بعض مسؤولي وأعوان بنوك خاصة، رفقة التخطيط الحاصل من قِبل المتواطئين من المموّنين في الخارج، وذلك بغية التلاعب بالأنظمة والقوانين المنظمة لمجال الاستيراد، ضاربين عرض الحائط كل القوانين والتنظيمات الخاصة بالصرف وحركة رؤوس الأموال، ناهيك عن التهرب الضريبي. وقد تم سماع أقوال 15 شخصا من قِبل مصالح الشرطة، من موظفين في الجمارك وعمال مهنيين بالميناء، مصرحين جمركيين ووكلاء عبور، إضافة إلى أفراد الشبكة الذين تم توقيفهم، قبل تقديمهم أمام وكيل الجمهورية، بخصوص هذه الجريمة المنظمة، والتي تم تكييفها كجناية تكوين جماعة أشرار والتهريب الدولي لبضاعة محظورة، مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، قبول مزايا غير مستحقة، إساءة استغلال الوظيفة، عدم التبليغ عن جريمة التزوير واستعمال المزور في محررات تجارية، ممارسة نشاط تجاري دون حيازة محل تجاري والإدلاء بتصريحات غير صحيحة بهدف التسجيل في السجل التجاري، إضافة إلى مخالفة التنظيمات البنكية والمشاركة والتهرب الضريبي. للإشارة، فإن المتهمين السبعة يوجدون حاليا رهن الحبس المؤقت في انتظار المحاكمة، بعدما أحدثت هذه العملية زلزالا حقيقا بميناء سكيكدة، دفعت المديرية العامة إلى إرسال لجنة تحقيق عاجلة، استمعت للعديد من موظفي الجمارك، الذين تبيّن أن بعضهم تهاون في تطبيق الإجراءات الجمركية، خاصة فيما يتعلق باستدعاء الخبير، من أجل النظر في وضعية أقفال الحاويات، التي طالتها أياد خفية، قبل إجراءات الفحص من قِبل أعوان الجمارك، ما فتح باب الشكوك أمام جميع الأطراف. تجدّد محاولة إغراق السوق بالمفرقعات بعد هاتين العمليتين، تمكّنت مصالح مفتشية أقسام الجمارك بالولاية، بداية الأسبوع الماضي، من إفشال عملية تهريب خطيرة عبر ميناء المدينة، تتعلق بمحاولة تهريب أكثر من أربعة ملايين وحدة من المواد المتفجرة، قيمتها فاقت 10 ملايير سنتيم. واستنادا إلى مصادرنا المطّلعة، فإن هذه المواد المتفجرة، والمتمثلة في كميات هائلة من المفرقات والألعاب النارية، كانت على متن حاويتين اثنتين، من حجم 40 قدما، جلبهما أحد المستوردين، المنحدر من منطقة عين ولمان بولاية سطيف، والذي بدوره يستورد بضائع لأول مرة، عبر ميناء سكيكدة، وذلك على متن إحدى بواخر النقل البحري، القادمة من دولة الصين الشعبية، بعدما قدّم هذا المستورد الناشط باسم شركة ”ابتهال وعزيزي”، تصريحا كاذبا للجمارك، مفاده أن البضاعة عبارة عن دراجات هوائية للأطفال في حالة مفككة، لكن فطنة مصالح الجمارك، سمحت مرة أخرى بإفشال العملية، بعدما تم إخضاع الحاويتين إلى فحص دقيق، حيث تبين أن 191 كرتون فقط، تحتوي على دراجات هوائية ولواحقها، كانت تغطي خلفها 1981 كرتونة من المواد المتفجرة، المتمثلة في مفرقعات وألعاب نارية، قدر عددها بأكثر من 4 ملايين وحدة، وفاقت قيمتها 10 ملايير سنتيم. وفيما تم حجز الحاويتين وما بداخلهما من بضاعة، تم تحرير المخالفات الجمركية ضد المتورطين، في انتظار متابعتهم قضائيا، وهي العملية التي بلغ بواسطتها عدد حاويات المفرقعات المحجوزة بميناء سكيكدة، في ظرف حوالي 4 أشهر فقط، 07 حاويات، قاربت قيمتها 40 مليار سنتيم. الجمارك تسارع لاتخاذ إجراءات استثنائية أمام توالي محاولات تهريب حاويات المفرقعات عبر ميناء سكيكدة، من قِبل بارونات مختصة في تهريب البضائع المحظورة، سارعت إدارة مفتشية أقسام الجمارك بالولاية إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، من بينها الفحص الدقيق وتكثيف الفحوص المضادة، مهما كانت نوعية البضاعة المصرح بها، باستثناء الشركات الوطنية (سوناطراك وسونلغاز)، التي تستفيد من تسهيلات خاصة، إضافة إلى استغلال المعلومات والتعاون فيما بين المصالح الجمركية، وكذا إعداد قائمة سوداء للمهرّبين وإرسالها لوزارة التجارة، من أجل مباشرة عملية تجميد وفسخ السجلات التجارية المعنية، وهي العملية التي من شأنها أن تحبط محاولات أخرى لتهريب هذه البضاعة المحظورة، عبر موانئ الوطن.