اعتبر خبراء قانونيون قرار الحكومة مراجعة إجراء الحبس المؤقت خطوة هامة على طريق إلزام القضاة بتطبيق القانون والحد من التعسف، بعدما وعد وزير العدل الطيب لوح بمراجعة قانون الإجراءات الجزائية في شقه المتعلق بالحبس المؤقت، ليصبح الإجراء تدبيرا استثنائيا يطبق على حالات خاصة في القضايا الجنائية. نجحت ضغوطات مارسها حقوقيون وتنظيمات حقوقية في إجبار الحكومة على مراجعة إجراءات الحبس الاحتياطي الذي تلجأ إليه السلطات القضائية في الجزائر بشكل مبالغ فيه، وقال الخبير في “وحدة دعم مشروع إصلاح العدالة في الجزائر” سابقا عبد القادر بن داود ل “الخبر” إن “مسألة الحبس الاحتياطي كانت من بين القضايا والمحاور التي كانت محل معالجة في برنامج إصلاح العدالة”. واعتبر “قرار الحكومة بالعودة إلى تطبيق القانون تكون بإجبار القضاة على تجنب التعسف في استعمال الحبس الاحتياطي، واحترام الترتيب المتعلق بكون هذا الإجراء هو في الأصل إجراء استثنائي يخص أربع حالات يحددها القانون، وبعد استنفاد تدابير أخرى”. وقالت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم ل“الخبر” إن “هذا القرار ثمين لكنه متأخر، الوزارة في الحقيقة تعود إلى نقطة البداية وتطلب من القضاة تطبيق القانون والحد من حالة التعسف”، وأضافت “منذ مدة ونحن نطالب بتطبيق القانون الذي يجعل من الحبس الاحتياطي هو الإجراء الثالث بعد الإفراج والرقابة القضائية، لكن القضاة يلجأون إلى الزج بالمتهمين في الحبس الاحتياطي، ثم يبحثون عن أدلة لإثبات التهمة”. وقالت مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في الجزائر حسينة أوصديق في اتصال بها “إن إعلان الحكومة بشأن الحد من الاستعمال المفرط للحبس الاحتياطي أمر إيجابي وتأكيد لالتزامات الجزائر في مجال احترام حقوق الإنسان، وهذا يعني أن هناك إرادة سياسية في هذا الاتجاه، لكننا ننتظر تفعيله على المستوى العملي”. وأَضافت “الجزائر أصبحت عضوا في مجلس حقوق الإنسان الأممي، وهذا يفرض عليها تنفيذ التزاماتها وتكييف قوانينها مع الاتفاقيات الدولية”. وتابعت “يجب أن يكون واضحا أن الأمر لا يتعلق فقط بإصلاح قانون العقوبات في الجزائر، ولكن أيضا بضرورة احترام وتطبيق القانون من قبل القضاة، هذا الإجراء هو في الأصل استثنائي وفي حالات محدودة، كونه لا يضمن حق التقاضي بصورة منصفة لكل المتقاضين، كما أن الحبس الاحتياطي يفتح الباب أمام حالات التعذيب أو تجاوزات ضد المتهمين”. ومنذ سنوات لفتت منظمات حقوقية كمنظمة العفو الدولية ورابطات حقوق الإنسان في الجزائر وأحزاب سياسية وناشطون حقوقيون، إلى “مبالغة القضاة في استعمال في الحبس الاحتياطي”. وانتقدت رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان في أكثر من مرة استعمال القضاة للحبس الاحتياطي كإجراء غير مبرر. وانتقد رئيس اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني في مقابلة مع القناة الإذاعية الثالثة الأسبوع الماضي بشدة “لجوء القضاة إلى تطبيق إجراء الحبس المؤقت بشكل مبالغ فيه”. وقال إن “الجزائر هي البلد الوحيد الذي يجتهد قضاته في الزج بالمتهمين في الحبس المؤقت قبل إثبات التهمة عليهم”.