تسبب تأخر أعمال الصيانة التي تعرفها مصفاة سكيكدة عن موعدها في إحداث أزمة تموين بالغاز الطبيعي المميع في جنوبفرنسا وإسبانيا وحتى إيطاليا، ما دفع هيئات الرقابة في هذه الدول إلى دق ناقوس الخطر خوفا من ندرة تتزامن مع موجات البرد التي تشهدها المنطقة. أصدرت سلطة ضبط الطاقة في فرنسا بيانا تحذر فيه من وجود “توتر” هام في سوق الغاز بجنوبفرنسا. وقالت اللجنة إن تموين جنوبفرنسا بالغاز الطبيعي يعتمد على وصول الغاز الطبيعي المميع إلى نهائيات التوزيع في “فوس كافاو” و”فوس تونكين”. مسجلة ارتفاعا في الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة في آسيا، ما عزز من وصول الحاويات إلى آسيا بدل السوق الأوروبية. بالمقابل، أشار البيان إلى أن الجزائر خفضت من صادرات الغاز الطبيعي المميع عبر ميناء سكيكدة، ما أدى إلى نقص التموين في دول الضفة الشمالية للبحر المتوسط، خاصة جنوبفرنسا وإسبانيا. وتشهد مصفاة سكيكدة منذ نحو عام ونصف أشغال صيانة لم تعرف طريقها للانتهاء، رغم وعود مؤسسة سوناطراك باستكمالها في مارس من السنة الجارية. وحسب بيان سلطة ضبط الطاقة في فرنسا، فإن تواريخ عودة الإنتاج إلى مستواه الطبيعي في مصفاة سكيكدة تبقى مجهولة، ما دفعها إلى طلب إمدادات من شمال فرنسا إلى جنوبها لتدارك العجز المسجل. وتقاطعت هذه الأزمة في التموين بالغاز الطبيعي المميع مع مرور موجة برد شديدة في منطقة شمال المتوسط، وهو انخفاض طبيعي في درجات الحرارة في مثل هذه الفترة من السنة. ويعتبر الغاز الطبيعي أحد أهم مصادر الطاقة التي يستخدمها سكان هذه المنطقة للتدفئة، ما أثار الخشية من حدوث أزمة ندرة في الأيام القادمة في ظل التوقعات باستمرار درجات الحرارة في التدني. ونتيجة لانخفاض الصادرات الغازية الجزائرية، أصبح يخيم على الإيطاليين أيضا شبح شتاء قاس، بعد أن سجل نظام التموين بالغاز اضطرابا في الأشهر الأخيرة، متأثرا بتقلص الإمدادات الجزائرية إلى النصف في السنة الجارية. وكانت السنتان الأخيرتان قد شهدتا انخفاضا في الطلب على الغاز مقابل العرض الوفير، ما دفع إيطاليا إلى تقليص وارداتها إلى مستويات أثرت سلبا في مخزونها لهذه السنة. وتعاني القدرة التخزينية للغاز في إيطاليا من انخفاض في التعبئة، حيث بلغ احتياطي الخزانات الإيطالية في أوت الماضي 7 مليار متر مكعب مقابل 8.7 مليار متر مكعب خلال نفس الفترة المرجعية من العام الماضي. ومع استمرار هذا الانخفاض، أصبحت القدرة التخزينية تعاني من انخفاض ب16% مقارنة بالعام الماضي، ما يعني صعوبة تلبية الطلب الذي يبلغ الذروة في هذه الفترة بسبب موجات الصقيع، والمخاوف من تعطل ناقلات الغاز بفعل انخفاض درجات الحرارة، وهو ما حدث في 2006 مع روسيا. وحسب تقرير حديث صادر عن الاتحاد الدولي للغاز، فإن الصادرات الجزائرية من الغاز الطبيعي سنة 2012 انخفضت إلى 11.03 مليون طن مقابل 12.59 مليون خلال نفس الفترة المرجعية من سنة 2011، و14.26 مليون طن في سنة 2010. وتأتي فرنسا في قائمة الدول المستوردة للغاز الجزائري ب3.15 مليون طن، تليها تركيا ب3.10 مليون طن، ثم إسبانيا ب2.66 مليون طن، وإيطاليا 0.72 مليون طن.