أوقفت إدارة معهد باستور منذ سنة ونصف عملية استيراد القرنيات، ما انجر عنه توقف كلي للعمليات الجراحية لفائدة المصابين بشتى أنواع أمراض البصر، وتحججت الإدارة بوجود تلاعبات في الصفقات التي أبرمتها الإدارة السابقة، لكن الغريب أن القرنيات تقدم كهبة وليست محل صفقات مالية. لم تستورد الجزائر منذ جوان 2012 أي قرنية بسبب توقيف الإدارة الحالية لمعهد باستور الاتفاقيات التي تربطها مع جهات أمريكية وبريطانية. وكانت الجزائر تستورد كميات هامة من القرنيات من الولاياتالمتحدة ثم من بريطانيا، لإجراء عمليات الزرع للمرضى الجزائريين الذين يعانون من أمراض على مستوى العيون، وتعد عملية الزرع الحل الوحيد بالنسبة لهم لتفادي فقدان البصر. وأدى قرار معهد باستور بتوقيف جلب هذه القرنيات إلى وضعية كارثية بالنسبة للمئات من المرضى الذين ينتظرون إجراء عمليات الزرع على مستوى المؤسسات الاستشفائية، والغريب أن لا أحد تدخل لتغيير الوضع، خاصة أن زرع القرنية كانت الشجرة التي تخفي الغابة في مجال زرع الأعضاء في الجزائر، فكانت تتغنى وزارة الصحة بها بحكم إجراء مئات العمليات سنويا. وحسب مصادر موثوقة، فإن قرار إدارة معهد باستور توقيف جلب القرنيات شهر جوان 2012 سببه وجود شبهات في الاتفاقيات التي أبرمتها الإدارة السابقة، وتمت مراسلة وزارة الصحة وتم فتح تحقيق حسب نفس المصادر دون أن يفضي إلى نتائج ملموسة، وتضيف نفس المصادر ”حتى ولو كان هناك شبهات في الصفقات المبرمة، فمن غير المعقول توقيف اتفاقيات طيلة هذه المدة، فهذا تلاعب بصحة المرضى”. والغريب أن المصدر ”المنظمة العالمية للصحة تمنع الاتجار بالأعضاء البشرية تحت أي طائلة كانت، فالقرنيات التي كنا نستوردها كانت تتم بصفة مجانية، ومعهد باستور كان يدفع فقط تكاليف النقل والتحليل والتخزين، وهي مبالغ شبه رمزية من المستبعد أن يقع فيها تلاعبات”. وفي نفس السياق، كشفت مصادر أخرى أن تحقيقا يجب أن يشمل ملف القرنيات خلال السنوات الأخيرة، في مقدمتها السعر الذي كان مطبقا من قبل معهد باستور، الجهة الوحيدة المخولة باستيراد القرنيات، والذي كان يسوقها للمؤسسات الاستشفائية العمومية مقابل ألفي دولار، في الوقت الذي كان يكتفي فقط بدفع تكاليف النقل والتحاليل. وأضافت نفس المصادر أن القانون يجبر معهد باستور على تسويقها فقط للمستشفيات العمومية، غير أن العديد من العيادات الخاصة كانت تجري عمليات زرع القرنية مقابل مبالغ خيالية بعد اقتناء العينات من معهد باستور، وهو ما يتنافى مع القانون.