أثار التصريح الأخير الذي أطلقه وزير الداخلية والجماعات المحلية، الطيب بلعيز، بخصوص منع القنوات التلفزيونية الخاصة من تغطية الانتخابات الرئاسية من داخل مكاتب الاقتراع، امتعاض مسؤولي القنوات الخاصة، الذين وصفوا في تصريحات ل"الخبر" الخطوة بغير المسؤولة، حيث قال وزير الداخلية خلال لقاء جمعه، أمس الأول، بوفد المراقبين الدوليين الذين قدموا إلى الجزائر في إطار مراقبة سير العملية الانتخابية الرئاسية المزمع إجراؤها بعد غد: "لا نسمح بدخول القنوات الخاصة للتصوير داخل مكاتب الاقتراع". اعتبر المدير العام لقناة ”دزاير تي في” محمد حاكم، أن السلطات الجزائرية ”حرة” في اتخاذ قراراتها تجاه تنظيم سير العملية الانتخابية بالنسبة لتغطية القنوات التلفزيونية، وقال في معرض تعليقه على تصريح وزير الداخلية طيب بلعيز بخصوص ”منع القنوات من التصوير داخل مكاتب الاقتراع”: ”نحن لا نعتبر قنوات جزائرية وإنما قنوات أجنبية، وبالتالي فنحن ملزمون بالمساحة التي يقدمها لنا القانون الجزائري لتغطية الانتخابات”، واعتبر مدير عام قناة ”دزاير تي في” أن خصوصية الصبغة القانونية التي تتسم بها قناة ”دزاير تي في” التي تعتبر قناة أجنبية لا يخولها التعليق على أبعاد تصريحات وزير الداخلية. من جهته قال رشدي رضوان، رئيس تحرير الأخبار في قناة ”الشروق تي في”، إن تصريحات وزير الداخلية تعتبر ”مفاجأة”، كما قال إن هذه الخطوة تتناقض مع التصريحات السابقة للسلطات الجزائرية التي تحدثت عن ضرورة الانفتاح الإعلامي في الجزائر، من خلال فتح القنوات الخاصة، وقال رئيس تحرير الأخبار في قناة ”الشروق تي في” إن الأمر يصعب العملية الإعلامية يوم الاقتراع التي تحتاج إلى البحث عن الصورة من مصدرها”، وهو ”قرار غير مبرر يعيق العملية الديمقراطية في الجزائر”، حيث يعتقد رشدي رضوان أنه من مصلحة الجزائر فتح المجال أمام وسائل الإعلام الثقيلة لنقل الحقائق بدل ترك الأخبار بين ”فكي وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تعرف ضوابط”. خطوة تتجاوز حدود التضييق إلى حرمان المواطن من المعلومة تأسف المدير العام التنفيذي لقناة ”كاي بي سي”، مداني عامر، لهذا القرار القاضي بمنع التصوير داخل مكاتب الاقتراع، مشيرا إلى أن الخطوة تتعارض مع الدستور الذي يعطي الحق للمواطن الجزائري في الإعلام، كما قال مداني عامر إن هذه الخطوة تتجاوز حدود التضييق إلى حرمان المواطن من حقه في المعلومة ومشاهدة الصورة، معتبرا أن الخطوة تتنافى والمفهوم الذي حدد للقنوات الخاصة التي من المفروض أنها تعتبر ”قنوات مواطنة هدفها التعاطي مع الشأن الجزائري”، ورغم ذلك فقد أوضح المدير العام التنفيذي لقناة ”كاي بي سي” أن القناة لم تتلق أي إشعار مباشر من وزارة الاتصال يوضح الأمر. .. ومكاتب قناتي فرانس 24 و”العربية” تصف الخطوة ب”السابقة الخطيرة” أكد الصحفي كمال زايت، مراسل قناة ”فرانس 24” من الجزائر، أن قناة ”فرانس 24” اتصلت بوزارة الاتصال للاستفسار عن الموضوع الذي تحدث عن وزير الداخلية طيب بلعيز بخصوص منع القنوات الخاصة من العمل الإعلامي داخل مكاتب الاقتراع يوم الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن وزارة الاتصال نفت علمها بالموضوع. ودعا كمال زايت السلطات إلى توضيح الأسباب التي تدفع نحو تطبيق تلك الإجراءات الجديدة في الجزائر، كما قال: ”إذا صح هذا الكلام”، فمن المفروض توضيح الأسباب. وأشار صحفي قناة ”فرانس 24” إلى أنه تعود سابقا ”تغطية الانتخابات في الجزائر بشكل عادي”، إلا أن هذه الخطوة الجديدة تعتبر ”اعتداء على حرية الخبر التلفزيوني” الذي يحتاج إلى ”مشهدين هامين خلال الانتخابات، وهما لقطة الاقتراع ولقطة الفرز”، ولكنه أشار إلى أن هناك العديد من الدول في العالم التي تعتمد هذه الطريقة في عملية منع دخول القنوات التلفزيونية إلى مكاتب الاقتراع. واعتبرت معظم المؤسسات الإعلامية الأجنبية في الجزائر الخطوة غامضة في ظل غياب ”قرار رسمي صادر من وزارة الاتصال”، فيما لا يفصلنا إلا مدة 48 ساعة على فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين، كما قال الإعلامي أحمد حرز الله، مدير مكتب قناة ”العربية” بالجزائر: ”لم نتلق رسميا تعليمة بهذا القرار”، وأضاف مدير مكتب العربية، الذي يواصل عملية تغطية الانتخابات في الجزائر منذ تسع سنوات، أن تصريح وزير الداخلية يعتبر ”سابقة خطيرة”، حيث لا يرى أحمد حرز الله أي سبب لتخوف وزارة الداخلية من تغطية وسائل الإعلام التلفزيونية العملية الانتخابية داخل مكاتب الاقتراع، كما قال إن تغطية القنوات التلفزيونية تكون منظمة على مختلف المكاتب و”لا يمكنها أبدا أن تحدث أي فوضى”، واعتبر أحمد حرز الله أن تصريح وزير الداخلية يبقى غامضا ولم يحدد ما إذا كان يقصد ”اقتراع المرشح عبد العزيز بوتفليقة أو عملية الاقتراع على مستوى جميع المكاتب”، كما قال: ”إذا كان يقصد اقتراع الرئيس فإن ذلك يحدده مسؤولو حملته الانتخابية، وهو شيء لا يهمنا تغطيته”.