بتأكيد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، تلقيهم إغراءات وترهيبا من طرف النظام، لإدماجه (حركته) في سياساته بعد الانتخابات الرئاسية، تكون السلطة قد شرعت في السعي لاحتواء معارضيها والحيلولة دون تمكنهم من خلق جبهة مضادة لها، وينتظر أن يتجلى ذلك من خلال تركيبة الحكومة المقبلة. واستبعد الأمين العام للأفالان أن تكون الحكومة الجديدة التي ستقود برنامج العهدة الرابعة للرئيس، مشكلة من “تكنوقراط”، بل قال بصريح العبارة إنها ستتشكل من السياسيين. فهل سيكتفي الرئيس في اختياراته بقائمة شركائه السابقين كالأفالان والأرندي والحركة الشعبية وحزب “تاج” والتحالف الوطني الجمهوري؟ أم أن المعركة القادمة للسلطة تفرض عليها البحث لاستمالة حلفاء آخرين من خارج وعائها التقليدي، حتى يسهل عليها تفتيت جبهة المعارضة التي توسعت بشكل غير مسبوق؟ كشفت مجريات الحملة الانتخابية أن أحزاب الموالاة وجدت صعوبات كبيرة في الدفاع عن مرشحها، وفي إقناع أكثر من وعائها الانتخابي المحدود، وهو ما تجلى في ضعف التجمعات الشعبية التي ألغي العديد منها بسبب غياب الجمهور، وهو ما يعني أنها بحاجة إلى دعم جديد. وضمن هذا السياق يرى متابعون للشأن السياسي أن مفاجأة الانتخابات الرئاسية، عبد العزيز بلعيد، الذي فاز بالمرتبة الثالثة من بين المرشحين الستة، قد يمثل التحاق حزبه، جبهة المستقبل، بالجهاز التنفيذي المقبل، دم جديد قد تتغذى منه السلطة، خصوصا وأنه ظل يردد أن هدف دخوله الرئاسيات هو توسيع قاعدة الحزب، ما يجعل المفاوضات بين الطرفين سهلة المنال وغير مكلفة للسلطة. لكن تؤشر خرجة عبد الرزاق مقري فيما أسماها “إغراءات” لجر حركته للدخول في حضن السلطة مجددا، أن الوعاء الإسلامي الذي قاطع الرئاسيات بأغلبية أحزابه، يوجد ضمن “مفكرة” الرئيس لتوسيع قاعدة حكمه التي فقدت أزيد من 5 ملايين صوت في السنوات الأخيرة من جهة، ومن جهة ثانية تلبية لمطالب الشركاء في الخارج الذين يلحّون دوما في لقاءاتهم مع مسؤولي الدولة، على ضرورة إشراك جميع الفعاليات السياسية والمجتمع المدني في منظومة الحكم. وضمن هذا السياق وحتى وإن أصبح مستعصيا على السلطة إشراك أحزاب التيار الإسلامي ضمن عناصر الطاقم الحكومي، خصوصا من الأحزاب التقليدية على غرار حمس والنهضة وجبهة العدالة والتنمية بالنظر إلى خط المعارضة الذي تبنته، فإنه لا يستبعد أن تلجأ إلى شخصيات محسوبة على التيار، سواء من المنشقين أو من الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية الماضية، وقد وقعت تجارب مماثلة آخرها عدم امتثال وزراء من حمس لقرار فك الارتباط مع السلطة في 2012. كما يرتقب أيضا أن تعمل السلطة على استمالة “قطب قوى التغيير” الذي تشكل حول بن فليس وإدماج أحزاب منه في الحكومة المقبلة، بغرض تفتيت هذا التكتل ولإجهاض أيضا احتمالات توحده مع تنسيقية أحزاب وشخصيات المقاطعة التي وضعت خريطة طريق لتحركاتها لما بعد 18 أفريل.