حذر عشرات العمّال الجزائريين العاملين في قاعدة الشركة الإيطالية المكلّفة بإنجاز مشروع الخط المزدوج المكهرب للسكّة الحديدية والقطار السريع في شقّه الرابط بين ولايتي تلمسان وسيدي بلعباس، من فساد كبير حسب تعبيرهم، تعرفه الشركة بتواطؤ من إيطاليين وجزائريين، الأمر الذي يهدّد سلامة المشروع الضخم ويرشحه ليكون فضيحة أخرى بامتياز تضاف إلى فضائح الطريق السيّار شرق غرب. جاء في عريضة العمّال المدعمّة بصور ووثائق وملف ضخم وجّه لمسؤولي الشركة وحتى لمصالح الأمن بغية طلب فتح تحقيق، تحوز ”الخبر” على نسخة منها، أن هناك عملية غش كبيرة وتلاعب بكميات ضخمة من الحديد المستعمل في إنجاز قواعد وركائز الجسر العملاق الذي يعد من أكبر الجسور في إفريقيا والممتد من مدخل مدينة تلمسان شرقا عبر قرية المضيق إلى حدود بلدية سيدي العبدلي، وهو الجسر الذي سيعبره القطار السريع، وقال العمّال إن مسؤولي الشركة طلبوا منهم استعمال حديد من قطر 25 بالنقطة 126 وغيرها من النقاط، وبعد تفحّصهم لمخططات العمل تبين لهم أن الحديد المناسب هو من قطر 32، ودخلوا في ملاسنات مع الإيطاليين الذين ألزموهم باحترام المخطط واحترام المعايير التقنية التي نص عليها. ويذكر العمّال حادثة وقعت يوم 24 مارس الماضي، أين طلب أحد المسؤولين من 4 عمّال شحن كمية كبيرة من الحديد الخاص بتحضير الخرسانة ونقله ليلا إلى وجهة مجهولة، وتتطابق هذه الحادثة مع وقائع قضية سرقة وتحويل أكثر من 200 طن من الإسمنت من ورشات المشروع، اتهم فيها شخصان هما رهن الحبس المؤقت ويتم التحقيق معهما من طرف الجهات القضائية بمحكمة اولاد ميمون شرقي ولاية تلمسان. ممثلان عن عمّال الشركة من الذين وقّعوا الرسالة حذروا من تكرار تجربة الطريق السيار شرق غرب وما عرفه من فساد وغش عاد بالسلب على مشروع كلف حزينة الدولة مليارات الدولارات، وبعد أقل من سنتين من دخوله الخدمة بدأت تظهر عيوبه ومساوئه، وسيكون الأمر أخطر مع مشروع القطار السريع المكهرب لأنه سيعبر في بعض مقاطعه على جسور ومنشآت فنية عملاقة تمّ التلاعب بنوعية الحديد المطلوب لإنجازها. كما يجدر التذكير بأن تقارير أمنية سابقة تحدّثت عن تبليغ عمّال جزائريين عن غش تقني في استعمال التربة اللازمة أثناء أشغال مشروع الطريق السيّار بمنطقة باوالزين ببلدية سيدي العبدلي، وهي التبليغات والتحذيرات التي لم تأخذ بعين الاعتبار، وبعد سنتين عرف المكان انهيارا تاما للطريق ونجم عنه غلق مؤقت وأشغال كبيرة للصيانة، وهو ما حذّر منه عمّال الشركة الإيطالية، مطالبين بتشديد الرقابة التقنية لعملية الإنجاز. وكان وزير النقل عمر غول قد تفقد نهاية شهر جوان الماضي بتلمسان ورشة عمل الخط المزدوج المكهرب، وقُدم له عرض كلي عن المشروع على مستوى بلدية سيدي عبدلي، وأعطى الوزير حينها تعليمات بتسريع عملية إنجاز المنشآت الفنية الكبرى والتركيز على نوعيتها وطابعها الفني، وتعمل الحكومة على تنفيذ مشاريع ضخمة في مجال السكك الحديدية قيمتها 3930 مليار دينار ما يعادل 56 مليار دولار.