تعرف الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، تغييرات كبيرة على مستوى مهامها وإدارتها، حيث اتجهت وزارة الثقافة رسميا إلى سحب بساط تسيير قطاع السينما من تحت قدمها، وتكليف المركز الوطني لتطوير السينما بإنجاز ومتابعة برنامج الأفلام الجزائرية، ابتداء من سنة 2015، انطلاقا من أعمال تظاهرة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية” التي ستعرف إنجاز 17 فيلما، منها ستة أفلام طويلة. لا يزال في حقيبة الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي حوالي 23 فيلما بين روائي وطويل ووثائقي، توقع نهاية مهمة الوكالة رسميا في إنتاج الأفلام الجزائرية، ومن بين الأفلام المهمة التي ستوقّع رحيل الوكالة عن الإنتاج السينمائي بشكل رسمي، فيلم العربي بن مهيدي للمخرج بشير درايس، وفيلم “عمليات مايو” للمخرج عكاشة تويتة الذي يتوقع عرضه خلال السداسي الأول من السنة الجارية، رفقة باقي برنامج السينما الذي سطر في إطار احتفالات الجزائر بخمسينية الاستقلال. وتأتي التطورات الجديدة لإعادة هيكلة وتنظيم صلاحيات الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، بعد أن رفع سقف الاتهام عاليا ضدها، في السنوات الأخيرة، ليس فقط من قبل الصحافة، بل أيضا من طرف المنتجين على غرار المخرج الكبير لخضر حامينة، الذي وصف الوكالة في إحدى تصريحاته النارية والمفاجئة ب”مؤسسة تبييض الأموال”. عرفت الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي التي تضم في فريقها 42 عاملا، استقالة عدد من الموظفين في الإدارة والإعلام على غرار مسؤول المالية، الذي التحق بالمركز الوطني لتطوير السينما رفقة المدير الجديد صالح إبراهيم، الذي تولى إدارة الوكالة لمدة سنة ونصف تقريبا، منذ تنحية المدير مصطفى عريف، في مقابل ذلك تشير الأنباء إلى احتمال تعيين الإعلامي نزيه بن رمضان مديرا للوكالة، التي عرفت تطورات أخرى، حتى على مستوى مقرها، حيث نقلت إلى مقر أصغر بحي سعيد حمدين. فيلم الأمير عبد القادر بداية الأزمة الحقيقية في حصيلة الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي منذ تأسيسها سنة 2005، إنجازها لأزيد من 100 فيلم بين طويل، قصير ووثائقي، تجاوزت ميزانية الأفلام المنجزة ال1000 مليار سنتيم. منها المساهمة في60 فيلما بمناسبة “تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية” سنة 2011، وظل نطاق السينما الأهم بالنسبة للوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، منذ التأسيس، ليتربع على عرش اهتماماتها، رغم أنها تضم أيضا تنشيط التراث والفنون والموسيقى والفنون البصرية والأدب، وتتكفّل بتنظيم الأحداث ودعم مشاريع الفنانين والمؤسسات والجمعيات الثقافية، لخلق وتعزيز ونشر الإنتاج المعاصر للمبدعين والمؤلفين الجزائريين، وتحفيز تدفّق التجارة الدولية في مجال الإبداع، وقد استفاد من هذا البرنامج المتنوع الذي سطّرته وكالة الإشعاع الثقافي العديد من الفرق الشابة والمبدعين، إلا أن تحقيقها للأهداف الكبرى، ظل أمر صعب المنال، رغم الإمكانيات المالية الهامة التي سخّرت لها. وكان مشروع فيلم الأمير عبد القادر، القطرة التي أفاضت الكأس، ووضعت الوكالة الجزائرية في وجه المدفع، ويبدو أنه كان سببا قويا في إزاحة المدير المؤسس للوكالة مصطفى عريف، بعد أن حاصرته “الفضائح “المالية، فقد كان قرار استقدام المخرج الأمريكي شارل برنات وعقد صفقة مع المنتج الفرنسي “فيليب دياز” الذي أعلن مشاركة المنتج العالمي “أوليفر ستون” في إنتاج الفيلم الأمريكي عبد القادر، الضربة التي كتبت نهاية مهام المدير مصطفى عريف ووضع الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي على خط النار والنقد من قبل كبار المخرجين الجزائريين، حيث هاجمها كل من أحمد راشدي، مرزاق علواش وغيرهم. التوزيع المعضلة الكبرى تعتبر عملية توزيع الأفلام التي أنتجت بدعم من الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، أحد أهم التحديات بالنسبة لها، وهو ما وضعها في قلب النقد المباشر وتعميق هوّة عدم الثقة بينها وبين وزارة الثقافة. فمعظم الأفلام الطويلة التي أنتجتها الوكالة لم تعرض في قاعات السينما وظلت حبيسة الأدراج، بعد العرض الأول، رغم أن ميزانية إنجاز الفيلم الواحد تجاوزت ال100 مليون سنتيم، في بعض الحالات، كما هو شأن فيلم “فاطمة نسومر” للمخرج بلقاسم حجاج، ويبرر مسيرو الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، عجزهم على توزيع الأفلام، بوضعية قاعات السينما في الجزائر والتي تعيش حالة سبات في ظل الصراع القائم بين وزارة الداخلية ووزارة الثقافة، حول تسيير هذه القاعات وترميمها، وقد حاولت وكالة الإشعاع الثقافي تجاوز ذلك مؤخرا عبر برنامج “سيني بلادي” لعرض آخر الإنتاجات السينمائية الوطنية. كما أنه مع اقتراب موعد الدورة ال 68 لمهرجان “كان” السينمائي، لا تزال حالة الغموض تسود وضع جناح الجزائر في هذا الحدث السينمائي العالمي، فالوكالة التي تكفّلت بتمثيل الجزائر في جناح “سوق مهرجان كان” و”مهرجان أبوظبي” و”مهرجان دبي”، منذ سنة 2012، قامت قبل نحو ستة أشهر، بتجديد عقدها مع إدارة مهرجان “كان”، لكن إلى غاية الآن لم يتحدد بعد ما إذا كانت الوكالة ستواصل المهمة، أم أن الأمر سيعرف تطورات جديدة، ستسحب مهمة ترويج الأفلام من تحت بساط مسيري الوكالة الجزائرية، إلا أن بعض الأصداء من داخل هرم وزارة الثقافة، تشير إلى أن وزيرة الثقافة نادية لعبيدى قررت منحها حق تسيير رصيدها من الأفلام التي أنتجتها ومواصلة الترويج لها، وذلك بالتوافق مع برنامجها الأساسي الجديد، الذي بات يشمل الموسيقى، المعارض، الأدب والتراث، وهو ما يعكسه نشاطها في الفترة الأخيرة، حيث قامت الوكالة بتنظيم معرض “”قربان ببلاد الأرز” للفنانة جهيدة هوادف، حفل للفنانة الأردنية مكادي نحاس وورشة للتصوير الفوتوغرافي بقيادة برونو بوجلال بدار عبد اللطيف التي لا تزال تحت تصرف الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي.