تحدّث نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدبلوماسي الجزائري السفير أحمد بن حلي، في حوار ل«الخبر”، عن أهم الملفات التي سيتم التطرق لها خلال أعمال القمة العربية التي ستنطلق فعالياتها غدا السبت بمدينة شرم الشيخ المصرية، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في اليمن وليبيا وسورياوالعراق وفلسطين. ويرى السفير أحمد بن حلي بأن الجزائر ومصر هما الدولتان الوحيدتان اللتان تمتلكان الكلمة الأساسية لدفع الليبيين في إطار الحوار، وهما الوحيدتان القادرتان على ضبط الأمور، مشيدا بجهود الجزائر في مساعيها لحل الأزمة في ليبيا. قبيل ساعات من انطلاق أشغال القمة العربية في دورتها العادية ال26، ما هي أبرز الملفات التي سيتم طرحها على أجندة القادة العرب؟ للقمة العربية منحيان أو اتجاهان: الاتجاه الأول هو القضايا السياسية، والاتجاه الثاني خاص بالقضايا التنموية والاقتصادية والاجتماعية. إذا أخذنا نقاط جدول أعمال القضايا السياسية، فنجد الموضوع الخاص بالحفاظ على الأمن القومي العربي؛ بمعنى أنه الآن أصبح لكل الدول العربية مخاطر تهددها كدولة وطنية، وتهدد الكون الكلي، سواء عن طريق هذه الأزمات الموجودة في عدد من الدول العربية التي لم تستطع أن تمر من مرحلة التغيير إلى مرحلة الاستقرار، مثلما هو جاري في اليمن وليبيا وسورياوالعراق، فهذه الدول تعاني فعلا لإعادة بناء مقومات الدولة الوطنية، سواء على مستوى المؤسسات أو على مستوى مكوناتها كشعب كان منسجما وموحدا، الآن للأسف تعاني فرقة على المستوى الشعبي، وعلى مستوى السلطة. هذه هي الأزمات المطروحة بالدرجة الأولى على جدول الأعمال، ولابد أن نتعامل مع كل قضية وأزمة على حِدَة. أما الموضوع الثاني فهو: كيف نواجه هذه الهجمة الإرهابية التي أصبحت الآن في طبعة جديدة تحت مسمى تنظيم “داعش”، وهي ليست جماعة تضرب هنا وتروّع حياة المواطنين هناك، وإنما جماعة تقيم في الأرض وتسقط الحدود الوطنية وتقيم كيانات وتنطلق منها لضرب الآخرين والمكونات الحضارية، لتلعب وتعبث بمكونات النسيج الشعبي والاجتماعي لكل دولة، والضرب بين الشيعة والسنة والأكراد إلى غير ذلك من مجال نشاطها؛ إذن البحث عن كيف للدول العربية أن نجمع قوانا الذاتية ومرجعياتنا من خلال معاهدة الدفاع المشترك واتفاقية مكافحة الإرهاب وتشتيته، حتى نفعل هذه الاتفاقيات ونجعلها آليات لنتحرك من خلال إجراءات عملية وترتيبات. وعلى سبيل المثال فإن الاجتماع الأخير لوزراء الداخلية العرب بالجزائر تم الاتفاق فيه على الأخذ بعدد من الترتيبات والإجراءات التي تتعامل بها مع هذه الأمور من خلال تبادل المعلومات والتنسيق الأمني والجريمة العابرة للقارات والحدود. ثم لدينا موضوع آخر وهو القضية الفسلطينية؛ الآن الكل أصبح يقول “وماذا بعد؟”، بعدما جربنا مبادرة السلام العربية والمفاوضات لمدة 20 سنة. الآن على الفلسطينيين أن يعيدوا حساباتهم وتفعيل نضالهم السلمي، ولديهم أشكال من النضال السلمي عليهم تفعيلها. إلى جانب المحاور التي سبق ذكرها، هناك شق آخر، وهو كيف نعيد للجامعة العربية الزخم الجديد، وكيف ننقل الجامعة من منظمة من الجيل الأول إلى منظمة من الجيل الثالث. الجامعة العربية أنشأت سنة 1945 بست دول عربية، وبميثاق كان يعكس السياق التاريخي في ذلك الوقت، الآن تغيرت الأمور، ويتم طرح تعديل ميثاق الجامعة العربية الذي أعدته مجموعة من الفرق والخبراء والمختصين، وهذا مطروح على القادة العرب وسننتظر إذا كان سيُعمَل به وتؤخذ قرارات بشأنه. ثم لدينا الملف الاقتصادي: أولا متابعة تنفيذ القرارات والمشاريع السابقة التي تم إصدارها في القمم التنموية والقمم العادية، ثم موضوع العهد الجديد 2015 و2024 للقضاء على الأمية، بما في ذلك الكبار؛ هذا الموضوع سيطرح على القادة، وعلى كل الدول العربية أن تنفذ هذا العهد. ولدينا التجربة البحرينية، وهي في منتهى الأهمية، بما يعرف بالأسرة المنتجة؛ يعني أن الأسرة تنتج منتوجا أو سلعة معينة، كيف نعمم ونوسع هذه التجربة على جميع الدول العربية، في الوقت نفسه نستفيد منها في الاقتصاديات، بالإضافة إلى مراجعة كل المشاريع الاقتصادية، والربط الكهربائي بين الدول العربية كلها، والربط بين الموانئ والطرق السريعة، ثم لدينا منطقة التجارة الحرة، المفروض أن تشمل انسياب السلع العربية والصناعة العربية بين الدول العربية بنسبة 50% صناعة وطنية من دون جمارك، لندخل في مرحلة ثانية وهي الاتحاد الجمركي. نحن كمجموعة عربية عندما نشتري السلع نكون موحدين والمنافذ التي تدخل منها السلع، ونسبة الجمارك التي ممكن أن ندفعها، هذه هي الملفات الاقتصادية والسياسية التي ستطرح على القادة العرب في القمة. وهل تعتقد سعادة السفير أن هذه القمة العربية التي تعقد في ظروف استثنائية جدا ستخرج بقرارات حاسمة ومصيرية، خاصة في ظل الاختلاف في التعاطي وتناول الأزمات بين الدول العربية؟ لا شك في وجود اختلاف، لكن الكل أصبح يعي ويشعر بخطورة الموقف، والكل يرى أن ليبيا لابد أن تعود إلى وضعها الطبيعي وإلى وحدتها وسلامتها، كأحد المبادئ الأساسية. وبالنسبة للأزمة في سوريا مشينا في اتجاه معين، والآن نعيد قراءة وتقييم الموقف العربي، كيف نعدل هذا الموقف لمساعدة السوريين الذين يعانون الأمرّين، لأن سوريا تنهار. وأنا لا أقول بأن هذه القمة ستحل كل المشاكل، وإنما ستضع الحلول على الطريق، وهي قمة نريد من خلالها إعادة تنقية الأجواء بين الدول، وتوحيد الموقف العربي؛ على الأقل عندما نتكلم في الأممالمتحدة يكون الموقف العربي موحدا تجاه هذه القضايا. يعني خلال القمة ليس من المستحيل على الأقل أن نضع هذه المشاكل والأزمات على طريق الحل. وإن الرأي العام العربي يريد أن يكون السقف عاليا، لكن ليس في يومين أو ثلاثة أيام سيتم حل كل هذه القضايا، لكن سيتم أخذ قرارات لوضع هذه الأمور في إطار الحل وإعادة الفعل للموقف العربي. نحن للأسف صدّرنا مشاكلنا إلى العالم الخارجي، صدّرنا ليبيا إلى الأممالمتحدةوسوريا إلى مجلس الأمن، والآن نريد لهذه القضايا العربية أن تعود إلى إطارها العربي، ليتعامل العرب من خلالها على أساس مفهوم وطني يهمّ الكل. يعني أخطأنا بتدويل قضايانا العربية.. لا شك هناك بعض الأخطاء ولابد أن نتداركها. بالنسبة للأزمة الليبية، تؤكد الجامعة العربية أنها تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء الليبيين والفصائل، ربما ذلك له علاقة بتخوف تكرار موقف الجامعة مع الأزمة في سوريا ودعمها لفصيل بعينه. كيف ترون تدهور الأوضاع على الأراضي الليبية؟ وما تقييمكم للوضع هناك؟ ما يهمّنا في ليبيا أولا هو أن ندفع الليبيين إلى طاولة الحوار للاتفاق والحل السلمي، ويجب تظافر جهود دول الجوار والدول الإقليمية والجهود الدولية كلها، ودفع الليبيين إلى الحوار. وأنا أعتقد أن الأزمة الليبية ليست معقدة بشكل كبير كما هو الحال في سورياوالعراق؛ هي أسهل نوعا ما، لكن بمرور الزمن ستتعقد أكثر. النقطة الثانية هي: على دول الجوار، بالذات الجزائر ومصر، وأعتقد أن لديهما الكلمة الأساسية لدفع الليبيين في إطار الحوار، لأن هاتين الدولتين هما الوحيدتان القادرتان على ضبط الأمور، على أساس أن حدودهما مع ليبيا متماسكة، والأمن الجزائري والليبي مرتبطان ببعض، ما يجري في ليبيا يؤثر إما بالسلب أو بالإيجاب على الوضع في الجزائر، والعكس. وللجزائر دور أساسي، ولابد أن تكون النواة المحركة لكل الجهود. وأعتقد أن دول الجوار الليبي، وبالذات الدول العربية، لها دور محوري وأساسي، وهي القادرة على جمع الليبيين ودفعهم إلى طاولة الحوار والحل السلمي. وأنا أقول بصراحة: لن تحل الأزمة الليبية بشكل عسكري.. هذا تدمير لليبيا ورهان خاسر. كيف تنظرون لمساعي الجزائر لحل الأزمة الليبية ومبادرة جلسة الحوار التي انعقدت مؤخرا هناك؟ أعتبر أن الجزائر تعمل بجهد وجهدها مقدر، والكل يشيد بهذا الدور، ولكن جهد الجزائر لابد أن يدعم من قِبل دول أخرى، ولابد أن تكون هناك استجابة ليبية واسعة مع ذلك. والدبلوماسية الجزائرية معروفة في حل الأزمات، ولديها خبرة وتجربة ويمكن الاستفادة منها في حل هذه الأزمة. العراق ولبنان يتحفظان على الضربة العسكرية السعودية للحوثيين باليمن دول عربية تطالب بضرب سوريا لإنهاء نظام الأسد تسبب التدخل العسكري السعودي في اليمن في حالة من الجدل والنقاش الحاد أثناء أشغال اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري بمدينة شرم الشيخ المصرية، حيث تحفظ العراق ولبنان على الضربة العسكرية، وطالبت دول خليجية بالتدخل بالشكل نفسه لإنهاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد. تحفظت العراق ولبنان على التدخل العسكري السعودي ضد الحوثيين في اليمن، وطالبت بعض الدول بالتدخل العسكري في سوريا لإنهاء نظام بشار الأسد، أسوة بما حدث في اليمن، وقد وافقت جميع الدول الخليجية على هذا الطرح بينما تحفظت العراق، وتم إبقاء الباب مفتوحا حول هذه النقطة ولم يتم الحسم فيها. وفي السياق، أعلن وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، أن الجزائر تتابع بانشغال شديد وقلق عميق التطورات والمستجدات الخطيرة في اليمن، جراء تصعيد المواقف بما قد يؤدي إلى إجهاض العملية السياسية وزيادة حالة الانقسامات وأعمال العنف وانتشار الاٍرهاب بشكل يهدد أمن واستقرار ووحدة اليمن الشقيق. وأضاف لعمامرة، في تصريح خاص ل«الخبر”، أن الجزائر تعرب عن تضامنها الكامل مع الشعب اليمني في هذه المرحلة العصيبة والفارقة من تاريخه، وتعتبر أن التصعيد في المواقف المتشددة والمواجهات لا يساهم في حل الأزمة، بل يؤدي إلى تفاقمها وزيادة معاناة الشعب اليمني. وشدد لعمامرة على أن العودة إلى الاستقرار والأمن في ربوع اليمن لن يتأتى إلا من خلال الالتزام بتنفيذ المرجعيات الأساسية للعملية السياسية والتمسك بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة والمبادرة الخليجية، وتابع: “كما تدعو الجزائر مجددا كافة الفرقاء اليمنيين إلى التحلي بالحكمة وتغليب لغة العقل والحوار وفق مرجعياته والجهود الأممية، الذي يبقى السبيل الوحيد لإيجاد حل سياسي توافقي يمكن من تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع مكونات الشعب اليمني الواحد، ويحفظ وحدته وسيادته وسلامة أراضيه ويعزز من تماسك نسيجه المجتمعي”. وناشد لعمامرة كافة الأطراف الفاعلة في الأوضاع الحالية أن تحتكم إلى إرادة الشعب اليمني مع احترام الشرعية المؤسساتية اليمنية والشرعية الدولية. ونقل وزير الخارجية تجدّد الجزائر التزامها وتمسكها بمتطلبات الأمن القومي العربي بكافة مكوناته، بدءا بالجوانب الأساسية التي تخضع بالضرورة لسيادة كل دولة عربية. وعلى النحو ذاته، كشفت مصادر متطابقة ل«الخبر” أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور سيحضر إلى مصر للمشاركة في أشغال القمة العربية التي ستنطلق فعالياتها غدا، وذلك بعد الضربات العسكرية التي وجهتها السعودية للحوثيين باليمن دعما للرئيس اليمني.