الدبلوماسية تحاول إمساك العصا من الوسط بين المعاهدات والمواثيق العربية والمبادئ الدستورية تحضر الجزائر للمشاركة في الدورة ال26 للقمة العربية المزمع عقدها بشرم الشيخ يومي 28 و29 مارس الجاري، في ظل التحديات والملفات الهامة المطروحة على الساحة العربية، أبرزها ليبيا، داعش وسوريا، حيث تحرص الخارجية الجزائرية على فرض موقفها من القضايا الإقليمية والدولية، بالرغم من الضغط الممارس عليها من قبل بعض الدول العربية بإشراف من الجامعة نفسها، خاصة فيما يتعلق بإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب. تواجه الجزائر ضغطا عربيا غير مسبوق، بسبب اختلاف الرؤى حول الملف الليبي، حيث من المنتظر أن تناقش الدورة 26 للقمة العربية مسألة إنشاء قوة عربية عسكرية مشتركة، تقوم بالتدخل لحل الأزمات الأمنية في المنطقة العربية تحت مبرر مكافحة الإرهاب، وهو الطرح المصري الذي لم يجد قبولا لدى الجزائر، بينما التفت حوله عدد من الدول العربية، التي ترى في محاربة داعش في ليبيا حماية لباقي الدول، حيث من المنتظر أن تمثل القمة القادمة منعرجا حاسما خصوصا أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي أكد دعمه للطرح المصري، الذي تفرضه التداعيات الأمنية في عدة دول كليبيا، سوريا، اليمن والعراق، في وقت أكدت فيه الخارجية الجزائرية استحالة خروج الجيش الجزائري للقتال خارج حدوده تحت أي ظرف، بينما تتخوف من فكرة أن تكون ليبيا الوجهة الأولى لهذه القوة. وفي السياق، ستضطر الجزائر إلى تبرير موقفها الرافض لمنح مقعد سوريا في الجامعة للائتلاف السوري المعارض، الذي وافقت عليه دول أخرى، إلى جانب تحديد مفهوم الإرهاب، في وقت اختلفت فيه الآراء والتوجهات بين الدول المشاركة، وبالضبط فيما يتعلق بمطلب مصر باعتبار الإخوان منظمة إرهابية، مما يعني إقصاء إخوان ليبيا من المشاركة في المفاوضات لإنهاء الأزمة، الذي رفضت الجزائر الخوض فيه لاعتبارات عديدة، كل هذه النقاط تضع الجزائر في موقف صعب، باضطرارها إلى تقديم مبررات وحجج قوية لحشد الدعم لمواقفها من مختلف القضايا العربية. وحسب متتبعين للساحة السياسية العربية، فإن الجزائر تعي جيدا أن تشكيل قوة عربية سيواجه عوائق كبيرة، في مقدمتها الخلافات السياسية العربية، واختلاف المواقف من القضايا الكبرى والصراعات في المنطقة، كرفضها للتدخل العسكري على حدودها، بينما تطالب به دول أخرى، إضافة إلى ارتباط مصالح عدد من الدول العربية بالدول الغربية مما قد يرهن الأهداف السامية لهذه القوة، وفشل تحالفات عسكرية دولية سابقة في حل الأزمات. في المقابل، يمكن لدول عربية أخرى كمصر مدعومة بالأمين العام للجامعة، أن تمارس نوعا من الضغط على الجزائر استنادا إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك التي تم توقيعها في عام 1950، ومواثيق الجامعة التي تنص على حماية أمن واستقرار الدول العربية، واللجوء إلى الجامعة لحل النزاعات بينها، إلى جانب التركيز على أهمية القوة العربية لمنع أي قوة عسكرية أجنبية من التدخل في المنطقة العربية، تطبيقا لنظرية أن العرب يحلون مشاكلهم بأنفسهم.