أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرا ملكيا مسّ هرم السلطة في المملكة السعودية، على خلفية الحرب التي تقودها السعودية في اليمن والتي خلقت خلافات حادة داخل الأسرة المالكة في الرياض، بين مؤيدين ومنتقدين لتورّط بلدهم في حرب خارج الحدود. ويحمل الأمر الملكي أكثر من مفاجأة، لعل أهمها إعفاء ابن أخيه الأمير مقرن بن عبد العزيز، 69 سنة من ولاية العهد. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية، أن الإعفاء جاء بناء على طلبه. ورقي الأمير محمد بن نايف، 55 سنة والمعروف بمحاربته الشرسة للإرهاب، إلى ولي عهد باحتفاظه بمنصب وزير الداخلية ومنصب نائب الوزير الأول، كما اختار الملك ابنه محمد وليا لولي العهد مع إبقائه وزيرا للدفاع وكلاهما يقومان بدور المحارب للمد الشيعي في المنطقة. ويكمن اللغز الثاني في إعفاء سعود الفيصل، الذي قاد الدبلوماسية السعودية منذ مقتل الملك فيصل في 1975، الذي دخل التاريخ بتزعمه حرب البترول في 1973 والتي جعلت الغرب يحسب ألف حساب للتغييرات التي تطرأ على رأس أغنى دولة بترولية في العالم. وقد عايش سعود الفيصل، خلال 40 سنة في تسيير الخارجية، أربعة ملوك، هم خالد (1975-1982) وفهد (1982-2005) وعبد الله (2005- 2015) وقيل أنه انسحب لمشاكل صحية، وخلفه عادل الجبير، سفير المملكة السعودية بواشنطن، الذي لا ينحدر من العائلة الملكية. فبشطب اثنين من أبناء الملك السابق، يكون الجناح السديري، الذي هُمش في الحلقات السابقة، قد استعاد مجده بمسك مقاليد الحكم في المملكة. وهكذا يضرب الملك سلمان، بعد ثلاثة أشهر من تربعه على العرش، عصفورين بحجر واحد. فالإضافة إلى عملية أخذ الثأر لذويه، يقوم بعملية تشبيب الحكم، على خلفية الرهانات التي يواجهها في المنطقة في وقف المد الإيراني من جهة والقيام بالدور القيادي للأنظمة العربية في المحافل الدولية. لا ندري إن كانت هذه التغييرات قد تؤثر على الأجندة السياسية في الحرب على اليمن واللقاء الذي يجمع قادة مجلس التعاون الخليجي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما في كامب ديفيد بداية الشهر المقبل، على خلفية النووي الإيراني. ثم تأتي المفاجآت الثنائية في تعيين مدير شركة أرامكو”، أكبر شركة لإنتاج وتصدير البترول في العالم، خالد الفالح، على رأس وزارة الصحة وإبقاء وزير البترول علي النعيمي، الذي لعب مؤخرا دورا محوريا في خفض سعر البترول في منصبه.