”ممكن أدخل الجزائر في 3 أيام لو أصيب مصري بمكروه”ǃ هذا الكلام غير المسؤول نسب للسيسي.. وأكاد أجزم بأنه حرف عن مقاصده. فالسيسي لا يمكن أن يهدد الجزائر بهذه الصورة البائسة.. لأنه ببساطة ليست له مشاكل مع الجزائر الحالية، بل بالعكس الجزائر متهمة بأنها من أنصار السيسي.. والحديث هذه الأيام عن تزويد مصر بالغاز الجزائري المميع يدل على أن السيسي والجزائر ”سمن على عسل”ǃ قد يكون كلام السيسي موجها للفوضى الحاصلة في ليبيا وإلى الجيش الحر تحديدا وأن السيسي يقصد بكلامه اجتياح ليبيا والوصول إلى حدود الجزائر في 3 أيامǃ وحتى هذه كان على السيسي أن ”يمصمص” فمه ”بروح الملح” قبل أن ينطق بها.ǃ ولا بأس إذا ذكرنا السيسي الهمام بأن ما يحدث في ليبيا هو ”خيبة” مصرية بامتياز مثلما هي خيبة جزائرية بامتياز أيضا..ǃ فلو كان الجيش المصري على الصورة التي ذكرها السيسي ما وصل به الحال لأن يسمح لأمير قطر والناتو بأن يفعلا بليبيا والشعب الليبي ما فعلا به من أجل عزل القذافي الذي نصبه الجيش المصري عندما كان وضعه في مصر والعرب بالصورة التي يتحدث بها السيسي.ǃ أتذكر أن السادات بعد حرب أكتوبر 1973 أحس بالزهو والبطولة كما يحس السيسي الآن بعد معركة ”رابعة العدوية”ǃ ضد الإخوان، لذلك شنّ السادات غارات جوية ضد ليبيا فيما أسماه آنذاك ”عملية تأديب القذافي”ǃ وطار الرئيس بومدين، رحمه الله، إلى مصر لوقف الحرب.. ورفض الغداء مع السادات في مرسى مطروح قبل إصدار أوامره بوقف العمليات.. وكان له ذلك.ǃ ومما قاله بومدين للسادات: ”إنني أطلب منك وقف العمليات ضد ليبيا فورا وإذا لم تفعل.. فلن أعود إلى الجزائر.. سأعود مباشرة إلى طرابلس.. وعليك أن تعتبر حدود الجزائر هي السلوم وليس غدامس..”ǃ وفهم السادات الرسالة الجزائرية واضحة فأمر بوقف العمليات، ودخلت الجزائر في وساطة بين مصر وليبيا لحل الإشكالات بين البلدين سياسيا وسلميا. وعاد بومدين من مرسى مطروح إلى طرابلس مباشرة.. وقال للقذافي: يا أخ معمر، هل فهمت الآن لماذا كنا في الجزائر نعارض وحدتك مع مصر؟ǃ إن الجزائر لا تقبل أن تكون لها حدود مع مصر.ǃ اتقاء لمثل هذه المواقف والأوضاع.ǃ لهذا، فحتى لو أن السيسي كان يقصد بما قاله تحذير المسلحين في ليبيا من مغبة المساس بالمصالح المصرية في ليبيا.. كان عليه أيضا أن يراعي مصالح غيره في ليبيا ومنها الجزائر.ǃ نعم، نحن في الجزائر لسنا مع ما يفعله الأشقاء في ليبيا ببلدهم بسبب الصراع على السلطة.. لكن نرفض أي تدخل أجنبي في الشأن الليبي فعلنا ذاك مع الناتو وقطر.. ونفعل أيضا ذلك مع غيرهم لا قدر الله.. والأفضل للسيسي أن يتعاون مع الجزائر ومع الخيرين في ليبيا لإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد.. أما التهديد والوعيد لم يكن أبدا علامة قوة؟ǃ