عندما أعلن السّادات الوحدة الثلاثية بين مصر والسودان وليبيا بعد لقاء ثلاثي في القاهرة عقده القذافي والسادات وجعفر النميري، أبرقت الخارجية الجزائرية إلى سفير الجزائر في ليبيا علي كافي تطلب منه إبلاغ القذافي برغبة الرئيس بومدين في رؤيته في أسرع وقت ممكن! ظن القذافي أن الرئيس بومدين يريد أن يلتحق بالوحدة الثلاثية، فطار على جناح السرعة لمقابلة بومدين، ودون مقدمات قال القذافي لبومدين ما فعلناه في القاهرة لحظة تاريخية تمنيت أن تكون الجزائر حاضرة فيها!؟ نظر بومدين في وجه القذافي جيدا ثم ملأ رئته من دخان سيجاره الكوبي ونفخه في السماء ثم قال له: اسمع يا أخي معمر•• الجزائر لا تركب القطار عندما ينطلق•• وقطاركم هذا غير مضمون الوصول لما تطمح إليه ليبيا أو السودان•• بل هو مضمون الوصول إلى المحطة التي تريدها مصر فقط! لذلك يجب أن يتوقف هذا القطار•• لأن الجزائر لا تريد أن تكون لها أي حدود مع مصر! وبعد شهور فقط ألغيت هذه الوحدة•• وبعد مدة ليست بالطويلة شنت مصر السادات حربا على ليبيا فيما أسماه السادات بعملية تأديب ليبيا القذافي، وقام بالعملية سلاح الجو المصري تحت قيادة حسني مبارك! واستنجد القذافي ببومدين فطار رحمه الله إلى مرسى مطروح حيث يتواجد السادات في مصيفه وطلب منه وقف الحرب وبسرعة ودون أي حدث•• وإلا عاد من حيث أتى••! وفهم السادات من لهجة بومدين أنه قد لا يعود إلى الجزائر إذا لم يوقف السادات الحرب•• بل قد يعود مباشرة إلى طرابلس! فأمر السادات بوقف العمليات ضد ليبيا قبل أن يبدأ الحوار مع بومدين حول الأزمة! وعندما نزل بومدين في طرابلس لإبلاغ القذافي بفحوى اللقاء مع السادات قال للقذافي ضاحكا: هل عرفت الآن لماذا أرفض أن تكون للجزائر حدود مع مصر؟ فلو كانت للجزائر حدود مع مصر لاختلف الوضع! تذكرت هذه القصة التي حكاها لي المرحوم عبد المجيد علاهم عندما سمعت أن القذافي طلب من مبارك ومن بوتفليقة أن يلتقيا في ليبيا لحل الإشكال وكان المفروض أن يقول القذافي لمبارك اربط كلابك الإعلامية التي تنهش الجزائر قبل أن تطلب مني الوساطة! وكم أتمنى أن يكلف بوتفليقة السفير حجار (على تعاسته) بمناقشة كل جوانب هذه الأزمة مع المصريين•• فذاك هو مستواهم وأن لا يعالج أي قضية على مستوى أعلى من السفير! وهذا ليتعلم المصريون كيف يتعاملون مع الدول الجدية•