أفادت مصادر مطلعة أن المنظمات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني ستكون حاضرة بقوة في جلسات المشاورات حول المراجعة الدستورية التي سيعقدها مدير ديوان رئيس الجمهورية، أحمد أويحيى، بمقر الرئاسة ابتداء من شهر جوان المقبل. وربطت ذات المصادر ميل السلطة على غير العادة للتمثيل العددي لتنظيمات المجتمع المدني للتغطية على غياب أحزاب المعارضة التي أعلنت مقاطعتها للمشاورات حول الدستور. فتحت السلطة الباب واسعا لإشراك التنظيمات الوطنية والجمعيات الممثلة للمجتمع المدني، سواء تلك المحسوبة على أحزاب الموالاة على غرار المنظمات الجماهيرية سابقا، أو المصنفة في خانة المعارضة على غرار النقابات المستقلة والمنظمات الحقوقية الوطنية والمهنية والاجتماعية، في المشاورات التي تنظمها حول مراجعة الدستور. وعلى غرار تشكيلة الحكومة الثالثة لسلال التي عرفت جلب وزراء جدد محسوبين من خارج الوعاء الحزبي، بعدما رفضت أحزاب المعارضة الالتحاق بالحكومة في سياق العرض المعلن عنه من قبل عبد المالك سلال، فإن السلطة تريد الاستعانة بالمنظمات والجمعيات للاستماع إليها حول تعديل الدستور، بعدما رفضت قوى المعارضة المشاركة في المشاورات المقررة في شهر جوان المقبل. وإن كانت السلطة من وراء إشراك أكبر عدد من تنظيمات المجتمع المدني، تريد بالدرجة الأولى التغطية على غياب تكتل قوى للمعارضة، على غرار التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي التي اختارت طريق تنظيم ندوة وطنية يوم 7 جوان الجاري، غير أنها خطوة تكشف أن السلطة لا زالت تفضل الاحتكام إلى المنطق العددي عندما يتعلق الأمر بالمشاورات حول الملفات السياسية الكبرى، والابتعاد عن منطق أهل الخبرة والاختصاص، وذلك حتى يسهل عليها الإفلات من الضغوط وعدم الاضطرار لتقديم تنازلات سياسية لفائدة السلطات المضادة. وتملك السلطة الخبرة الكافية خصوصا في مثل هذه المحطات، لتمرير مشاريعها دون أي عناء من وراء استعمال المنطق العددي وليس المنطق الفعلي في الميدان، من خلال توسيع قائمة المدعوين للمشاورات ولكن ليس لأجل تنويع مصادر الآراء والاقتراحات بقدر استعمالها لضرب وتحييد خصومها. وقد تكون هذه الزاوية وراء إعلان ما يسمى ب«تنسيقية المترشحين السابقين للرئاسيات” المساندة للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، أمس، في بيان تلقت “الخبر” نسخة منه، عن رغبتها في المشاركة في المشاورات الخاصة بتعديل الدستور و«ضد كل الأطراف التي تحاول جر الجزائر إلى المجهول”. وتكون تجربة لجنة المشاورات الأولى لعبد القادر بن صالح التي عرفت غضب العديد من التنظيمات والجمعيات لعدم تلقيها دعوة بالمشاركة في تلك المشاورات حول الدستور، قد أعطت للسلطة مخرجا بتغليب كفة حضورها هذه المرة، خصوصا في ظل إعلان عدة أحزاب معارضة مقاطعتها وتردد بعضها الآخر، وأيضا بسبب انخفاض سقف مطالب هذه التنظيمات مقارنة بأحزاب المعارضة التي ترفع سقفها عاليا، خاصة وأن ملف تعديل الدستور يعتبر ملفا سياسيا بامتياز.