تشتغل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني هذه الأيام، على قدم وساق لاستكمال اقتراحاتها الخاصة بمراجعة الدستور التي سترفعها لهيئة أحمد أويحيى، مع بداية العد التنازلي لانطلاق المشاورات التي سيشرف عليها هذا الأخير شهر جوان المقبل، والتي ستأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التي ستتقدم بها كل الأطراف التي وجهت لها دعوة للمشاركة في المشاورات لإثراء وثيقة الدستور المقبل. حددت معظم الأحزاب السياسية والمنظمات وكذا الجمعيات التي عبّرت عن موافقتها للمشاركة في مشاورات تعديل الدستور، مدة نهاية الأسبوع الحالي، لإطاراتها وقواعدها النضالية لإرسال اقتراحاتهم والأفكار التي يرونها مناسبة لإثراء وثيقة الاقتراحات التي سيتقدمون بها في المشاورات التي دعا إليها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، والتي رأى من خلالها أهمية إشراك مختلف الفاعلين في إثراء هذا المشروع لصياغة دستور توافقي يستجيب لتطلعات مختلف فئات الشعب، خاصة فيما يتعلق بمنح المزيد من الحريات وحماية حقوق الإنسان مثلما نصت عليه مسودة التعديل التي تقدم بها رئيس الجمهورية، مؤخرا والتي تلقت هذه الأحزاب والمنظمات وكذا الشخصيات السياسية، نسخة منها للاطلاع عليها قصد إبداء رأيهم فيها أو إدخال تعديلات عليها. وفي هذا السياق ذكرت السيدة نوارة سعدية جعفر، الناطقة الرسمية لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، في اتصال مع "المساء" أمس، أن الحزب نصّب لجنة على مستواه المركزي تضم إطارات من المناضلين أوكلت لها مهمة استقبال كل المراسلات التي ترد الحزب من كل الولايات، المتضمنة اقتراحات القواعد النضالية بخصوص تعديل الدستور، حيث تشتغل هذه اللجنة يوميا لقراءة كل هذه المراسلات وأخذ الأهم منها لاستغلالها في بلورة الاقتراحات التي سيرفعها الحزب خلال المشاورات، وذلك بعد الاجتماع الذي عقده الحزب فور تسليم الوثيقة، ومنح لهياكله الولائية مهلة أسبوع لتقديم اقتراحاتها لتتمكن اللجنة من دراستها قبل انطلاق المشاورات، حيث تم إرسال كل هذه الاقتراحات أول أمس – تقول السيدة جعفر – مضيفة أن عمل اللجنة سيعرض على المكتب الوطني للحزب في اجتماعه المقبل المحدد بتاريخ 1 جوان، لاعتماد الاقتراحات النهائية التي سيعرضها الحزب في المشاورات. ومن جهته أكد السيد موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، في اتصال مع "المساء" أن حزبه ينتظر حاليا ردود قواعده التي منحها مهلة نهاية الأسبوع الحالي، كأقصى حد لتقديم اقتراحاتها لتضاف إلى تلك التي سبق وأن تقدم بها في المشاورات السابقة التي أشرف عليها رئيس مجلس الأمة، السيد عبد القادر بن صالح، آنذاك "للوصول إلى صياغة دستور دائم لا يتم تغييره في كل 3 أو 5 سنوات قصد تجسيد التغيير المنشود الذي تتطلع إليه معظم فئات المجتمع". وفي سياق حديثه أضاف السيد تواتي، أنه بالرغم من انتمائه إلى تيار المعارضة فإنه فضّل المشاركة في هذه المشاورات إيمانا منه بإمكانية التغيير الايجابي، وإيمانا منه بإرادة الشعب وقدرته على إحداث هذا التغيير، على عكس العديد من أحزاب المعارضة التي رفضت دعوات المشاركة التي وجهت لها. ويرى السيد تواتي، أن صياغة دستور سيادي بحاجة إلى مشاركة كل الفئات حتى ولو كانت معارضة، لأن الأمر يتعلق بالقانون الرئيسي الذي سيحكمها. كما عبّر عن أمله في أن تؤخذ اقتراحات هذه الأطراف خلال المشاورات بعين الاعتبار في صياغة الدستور. واختلفت أراء التشكيلات السياسية حول موضوع تعديل الدستور بين مرحب بفكرة المشاركة في مشاورات شهر جوان القادم، وبين رافض لها، حيث برر الرافضون مقاطعتهم بعدم ثقتهم في إمكانية إحداث تغيير ديمقراطي، كما أكدته العديد من أحزاب المعارضة. وبالموازاة مع انطلاق هذه المشاورات ستنظم الأحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء ما يسمى بتنسيقية الأحزاب من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، ندوة في 10 جوان المقبل، لمناقشة موضوع الدستور وغيره من القضايا التي تراها هامة في البلاد في الوقت الراهن. وتجدر الإشارة إلى أن مسودة تعديل الدستور التي بعثت بها الرئاسة، وجهت ل36 شخصية سياسية ووطنية، 64 حزبا سياسيا معتمدا، 10 منظمات وطنية، 27 جمعية تنشط في مجال حقوق الإنسان، وكذا إلى رئيس الثلث الرئاسي بمجلس الأمة، والمجموعة البرلمانية للأحرار بالمجلس الشعبي الوطني، وغيرهم من قضاة، محامين، صحفيين، و12 أستاذا جامعيا لإبداء رأيهم في المسودة واقتراح أفكار يرونها مناسبة.