تحولت مشاركة المنتخب الجزائري في مونديال البرازيل إلى “مشكلة” لدى الفرنسيين، وبالخصوص لدى اليمين المتطرف الذي سارع إلى دعوة السلطات الفرنسية إلى التشديد في قوانين الهجرة، على خلفية الأحداث التي تلت لقاء المنتخب الجزائري ونظيره الروسي، وتحول الأفراح في بعض المناطق إلى انزلاق. الواضح أن الفرنسيين كانوا يمنون النفس أن لا يفوز المنتخب الجزائري على نظيره الألماني، لسبب واحد، هو حتى لا تتكرر مشاهد ما تصفه زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بالعنف، وجعلت ما حدث الخميس في باريس وبعض المقاطعات الأخرى مرجعا لمطلب جديد تجاه الحكومة الفرنسية يقضي بإعادة النظر في قوانين الهجرة ووضع حد “لازدواجية الجنسية” ووضع المهاجرين أمام خيار “إما الفرنسية أو الجنسية الأخرى”، حتى أن لوبان لم تنطق بالجنسية الجزائرية عندما كانت تتحدث عبر أمواج إذاعة “أوروبا1”. بل قالت عنها “الجنسية الأخرى”. تصريحات عنصرية من لوبان صاحبتها قرارات “أمنية” من مسؤولي بعض المقاطعات بفرنسا، فقد اتخذت أمس عدة تدابير أمنية لمواجهة ما أسمته انزلاقات عقب انتهاء مباراة الجزائروألمانيا، وقد منع عمدة “نيس” كريستيان استروسي بصفة رسمية استخدام الأعلام الأجنبية “قصد التباهي” طيلة بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في البرازيل. وإن عُني بالمرسوم رفع كل الإعلام الأجنبية، إلا أن المقصود هو العلم الجزائري، ووقع المرسوم عشية مباراة الجزائرألمانيابالبرازيل، ومنع رفع الأعلام للاحتفال بين الساعة السادسة إلى الرابعة صباحا، وذلك إلى غاية انتهاء بطولة كأس العالم. وبرر استروسي مرسومه ب “الحفاظ على النظام العام والهدوء وتجنب الانزلاق”، كتلك التي حدثت في ليلة 26-27 جوان في منطقة باريس، وبالقرب من ليون ومرسيليا، وقال “منذ بداية كأس العالم ونحن نواجه للأسف سلوكيات غير مقبولة تؤثر على السكينة العامة، ولا يمكننا أن نقبلها، فهي مثال على فقدان سلطة الدولة”، وتابع “لذلك قررت أن أفرض هذا النظام لتوفير الوسائل القانونية من أجل إتاحة التدخل ووضع حد لهذه الممارسات”. ومعلوم أنه بعد لقاء الجزائر وروسيا الخميس الماضي، ألقت الشرطة الفرنسية القبض على 75 جزائريا في غمرة احتفالات التأهل إلى الدور الثاني ثم تحولها في بعض المدن إلى أعمال عنف واعتداءات على رجال المطافئ وحرق السيارات، وهي الأعمال التي وجدت فيها السلطات الفرنسية مبررات كافية لمنع الجالية الجزائرية من إقامة الاحتفالات بعد فوز المنتخب الوطني، ويحدث هذا رغم أن جريدة “لوموند” كشفت أن العديد من أشرطة الفيديو المتداولة، وفيها جزائريون يمارسون العنف كانت مركبة، وتم توزيعها على نطاق واسع من قبل أنصار مارين لوبان. وأفادت أمس صحيفة “لوبوان” الفرنسية أنه تم حشد المئات من رجال الشرطة والدرك في مرسيليا وليل، تحسبا لما بعد المباراة التي جمعت بين الجزائروألمانيا في دور الثمانية ببطولة كأس العالم، كما تم حشد أكثر من 500 شرطي في ليون وحدها.