الشيخ زين الدّين العربي: “النّبيّ الكريم والصّحابة قنتوا لرفع البلاء” أكّد الشيخ زين الدّين العربي، عضو المجلس العلمي لولاية الجزائر، أنّ الإتيان بقنوت النّوازل على قولين، باعتباره من المسائل الاجتهادية. وعلى هذا الأساس، فإنّ القاعدة الأصولية تقول: “حكم الحاكم يرفَع الخلاف”، وأضاف “وعليه إذا اختلف النّاس في قنوت النّازلة وحَكَمَ الحاكم بشيء، يجب أن يُعمل بحكمه، واجتماع قلوب النّاس خير من الافتراق”. أوضح الشّيخ زين الدّين أنّ قنوت النّوازل هو الدّعاء في النّوازل الّتي تنزل بالمسلمين لدفع أذَى عَدُوّ أو رفعه أو رفع بلاء ونحو ذلك، وأضاف “قال الإمام النووي في شرح مسلم: والصّحيح المشهور أنّه إذا نزلت نازلة كعدوّ وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر بالمسلمين ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصّلوات المكتوبات”. وشدّد عضو المجلس العلمي بالعاصمة على مشروعية قنوت النّوازل، مستدلاً بحديث أنس رضي الله عنه “بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سبعين رجلًا لحاجة يقال لهم القرّاء، فعرض لهم حيان من بني سليم: “رعل وذكوان.. فقتلوهم، فدعَا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شهرًا في صلاة الغَداة وذلك بدء القنوت وما كنّا نقنت”، متفق عليه. وأضاف المتحدث أنّ الصّحابة قنتوا بعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، موضّحًا أنّ أبا بكر قنت في محاربة الصّحابة لمُسيلمة، وعند محاربة أهل الكتاب، وكذلك قنوت سيّدنا عمر وسيّدنا عليّ عند محاربة معاوية وأهل الشّام، منبّهًا إلى أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قنت في صلاتي الفجر والمغرب، ففي حديث مسلم من طريق البراء رضي الله عنه قال: “قنَت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الفجر والمغرب”. وتطرّق المتحدث إلى اختلاف الفقهاء في هذا القنوت على أربعة أقوال: الأوّل: وهو مذهب الحنفية، أنّ الإمام يقنُت في الصّلاة الجهرية عند وقوع النّازلة كفتنة وبليّة. والثاني: ما ذهب إليه المالكية في المشهور، ألاّ يقنت في غير الصّبح مطلقًا، لكن لو قنت لم تبطل الصّلاة. والثالث: ما ذهب إليه الشافعية وهو مشروعية القنوت للنّازلة في جميع الصّلوات المكتوبة، وصرّح النووي بأن الأصح استحبابه، وإذا قنت في غير الصّبح لنازلة، فهل يجهر بالقنوت أو يسرّ به؟ قال: الرّاجح أنّها كلّها كالصّبح سرية كانت أم جهرية. والرابع: هو ما ذهب إليه الحنابلة، وهو أنّ قنوت النّازلة مختص بالإمام الأعظم، وفي رواية أحمد: يقنت إمام الجماعة وكلّ مصل اختاره الشّيخ تقي الدّين الصّحيح من مذهبهم أنّ القنوت يكون في جميع الصّلوات المكتوبة إلاّ لجمعة. وسجَّل الشّيخ زين الدّين جملة من الملاحظات حول قنوت النّوازل، منها: أنّ المشروع في قنوت النّوازل أن يكون يسيرًا، والسُّنَّة أن يبتعد عن الإطالة ولا يشقّ على النّاس وأن يهتدي بهدي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان دعاؤه كلمات يسيرة كما هو ظاهر الأحاديث السّابقة. وأنّه يجوز الدّعاء لأشخاص بأعيانهم من المستضعفين المسلمين، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “اللّهمّ أنجَ عيَّاش بن أبي ربيعة، اللّهمّ انج الوليد بن الوليد...” الحديث. وتساءل: “هل يجوز لعن الكافر المعيّن؟ ليجيب: “اختلف أهل العلم في ذلك على قولين”، منبّهًا إلى أنّ أكثر العلماء اختاروا لعنهم، ومن أبرزهم الإمام مالك وابن بطّال والنّووي وابن قُدامة وابن حبّان وابن حزم وغيرهم. وأضاف: “الأفضل أن يقال أنّ الدّعاء على الكافرين على قسمين: الأوّل من يُحاربون المؤمنين وينتهكون أعراضهم ويستبيحون دماءهم وأرضهم، فهؤلاء تجوز لعنتهم وبه قال أكثر العلماء. والثاني مضن لم يقاتلوا المؤمنين ويرجى تألقهم، فهؤلاء لا تجوز لعنتهم وإنّما يُدَعى لهم بالهداية كما دعا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لِدَوْس فقال: “اللّهمّ اهْدِ دَوْسًا وائت بهم”. الشيخ المأمون القاسمي: دعوة وزارة الشّؤون الدّينية لتعميم قنوت النّازلة من جانبه، عبّر فضيلة الشيخ المأمون القاسمي، عضو المجلس الإسلامي الأعلى وشيخ الزاوية القاسمية بالهامل ببوسعادة، ولاية المسيلة، عن أسفه لما آل إليه الموقف العربي والإسلامي المتخاذل تجاه نصرة فلسطينالمحتلة وأهلينا المرابطين فيها، مشيرًا إلى أنّ فلسطين وقف إسلامي، تقع مسؤولية حمايتها على كلّ مسلم. ودعا الشيخ القاسمي المسلمين لتحمّل مسؤولياتهم تجاه أرض فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشّريفين، الّذي يتعرّض للتّهويد وأبناؤها للتل والتّشريد، على مرأى العالم الغربي الساكت عن هذه الجريمة الإنسانية المنظّمة والإبادة الجماعية لأبناء فلسطين. وانتقد شيخ الزّاوية القاسمية الموقف العربي، معتبرًا موقفه “متخاذل وأقرب من الطرح الغربي الذي يسند ويحمي إسرائيل، والذي يخدم في النهاية مصلحة الكيان الإسرائيلي”. وأكّد عضو المجلس الإسلامي الأعلى أنّ القنوت في صلاة الصّبح سُنّة، على أن يكون سرًّا في كلّ الأحوال عندنا نحن المالكيّة، مشيرًا إلى أنّ المذاهب الفقهية الأخرى أجازت أيضًا القنوت جهرًا إذا نزلت بالمسلمين بليّة، وقال: “عند الشّافعية يستحبّ القنوت في سائر المكتوبات إذا نزلت بالمسلمين بليّة، كما ذهب الحنفية إلى جوازه في الصّلاة الجهرية”. ودعا الشّيخ المأمون إلى أن يكون إقامة قنوت النّازلة نصرة لأهالينا في غزةوفلسطينالمحتلة “منظّمًا ومرتّبًا، بأمر من وليّ الأمر أو وزير الشّؤون الدّينية والأوقاف بأن تصدر بيانًا في هذا الشّأن”، كما حثّ المسلمين بالتوجّه إلى الله تعالى، خاصة وأنّهم مقبلون على العشر الأواخر في صلاة التهجّد وقيام رمضان، بالدّعاء للمولى سبحانه وتعالى ليُفرِّج عنهم وينصرهم، في كلّ الصّلوات، ولاسيما في السجود، لأنّه أقرب ما يكون العبد إلى ربِّه وهو ساجد”. الشّيخ يحي صاري: الأمّة في حاجة لأن ترفع إلى الله أكفّ الضّراعة صرّح الشّيخ يحي صاري، إمام مسجد الأبرار ببوزريعة وعضو المجلس العلمي بمدينة الجزائر، أنّ الأمّة الإسلامية اليوم تعيش شدائد جساما وأهوالا عظاما، وهي في حاجة لأن ترفع إلى الله أكفّ الضّراعة وتتوسّل إليه بأنواع الطّاعة في صلواتها، وخاصة في شهر رمضان المبارك وفي لياليه النيِّرات، عند اجتماع النّاس في الصّلوات، فيؤمِّنون على الدّعاء بقلوب خاشعة وأعين دامعة. وأكّد عضو المجلس العلمي بالعاصمة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقنُت في النّوازل، متضرّعًا إلى الله عزّ وجلّ أن يكشف الكربة عن المسلمين، موضّحًا أنّ “الدّعاء شأنُه في الإسلام عظيمٌ، ومكانتُه فيه ساميةٌ، ومنزلتُه منه عالية؛ إذ هو أجلُّ العبادات وأعظمُ الطّاعات وأنفعُ القُربات”، وأضاف “ولهذا جاءت النّصوصُ الكثيرةُ في كتاب الله تعالى وسُنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم المبيِّنةُ لفضله والمُنَوِّهةُ بمكانته وعظم شأنه، والمرغِّبةُ فيه والحاثَّةُ عليه، ومن ذلك قوله عزّ وجلّ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} البقرة: 186”. وشدّد إمام مسجد الأبرار ببوزريعة، أنّ الدّعاء “سلاح المؤمن القويّ الّذي ينبغي أن لا يغفل عنه كلّ مسلم في السّرّاء والضّرّاء والوُسع والضيق، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في وصيته لعبد الله بن العبّاس: “اعْرِفِ اللهَ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ”. واستعرض بعض الأحاديث النّبويّة الشّريفة حول قنوت النّازلة، منها ما أخرجه أبو داود والنّسائي وغيرهما عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما قال: “عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ”، ومنها ما أخرجه الشّيخان واللّفظ لمسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: “أَنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَنَتَ شَهْرًا يَلْعَنُ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ”، وكذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: “أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا قال سَمِعَ الله لمَن حَمِدهُ في الرّكعة الآخرة من صلاة العشاء قَنَتَ: اللّهمّ أَنْجِ عَيَّاش بن أبي رَبيعة اللّهمّ أَنْجِ الوليد بن الوليد اللّهمّ أَنْجِ سَلَمَةَ بن هشام اللّهمّ أَنْجِ الْمُسْتضعفين من المؤمنين اللّهمّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ على مُضَر اللّهمّ اجعلها عليهم سنين كسِنِي يُوسُف”. الشيخ جلول حجيمي: “الأمّة مطالبة بأداء قنوت النّوازل ما دامت الدولة تُدعِّم فلسطين” اعتبارًا من أنّ قنوت النّوازل يُشرَع بأمر وليّ الأمر وانطلاقًا من القاعدة الأصولية “حكم الحاكم يرفع الخلاف”، فقد أكّد الشيخ جلول حجيمي، أمين عام التنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشّؤون الدّينية والأوقاف، أنّه يحقّ للجزائريين أداء قنوت النّوازل على أساس أنّ الدولة تدعّم القضية الفلسطينية، و«أنّه لا يوجد مانع في ذلك”. وأوضح أمين عام التنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشّؤون الدّينية والأوقاف، أنّ النّازلة “ثابتة في أحاديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهي أن يدعو المسلم والإمام على البلاء الّذي وقع عليهم لرفعه من خلال القنوت والصّلوات”. وشدّد إمام مسجد الفضيل الورتلاني بالعاصمة، على أنّ قنوت النّوازل “يكون أكثر شدّة وتكرارًا لمَا يقع على الأمّة من بلاء عظيم، كالّذي وقع على إخواننا في غزّة وباقي المدن الفلسطينيةالمحتلة، وكذلك لما هو حاصل في الشّام والعراق”، على أن يكون “بالدّعاء والإلحاح فيه للمولى الكريم سبحانه وتعالى، خاصة ونحن في العشر الأواخر المباركات، لرفع الحرج والهمّ الّذي أصاب الأمّة، كما أنّ هذا العدو ظاهر كافر ومجرم، يستولي ويسيطر على الضعفاء من المسلمين”. وأفاد الشّيخ حجيمي أنّ قنوت النّوازل “ثابت عند السّادة المالكية”، ويكون “بالدّعاء مصداقًا لقول الله عزّ وجلّ {وإذَا سَألَك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيبُ دعوةَ الدّاعي}، وقوله تعالى {وَهُوَ الّذي يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذا دَعاهُ}، وقوله {وَالّذين هُم عَن عبادتي يستكبرون} قال ابن عبّاس رضي الله عنه: عن دعائي، داعيًا الأمّة لزيادة الإيمان ورفع الهمم وربطهم بالله عزّ وجلّ وقوّته، والاهتمام بأمر المسلمين ونصرتهم، كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم “مَن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”. واعتبر أنّ الإحساس بأنّ مصيبة في الأمّة هو مضرّة وهلاك لها، على أساس أنّها جسد واحد “المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشُدّ بعضه بعضًا”، ومنها يدعو المسلم لرفع الهمّ عن هذه الأمّة باليقين والخشوع والأخذ بالأسباب الظاهرة من معونة مادية ومعنوية، وخاصة الإعلامية والسّلاح. الشيخ عليّ عيّة: “أدعو وزراء الأوقاف لإحياء سُنّة قنوت النّوازل” وجّه الشيخ عليّ عيّة، إمام مسجد الكبير بالعاصمة وعضو مجلس العلمي، نداء استغاثة لوزراء الأوقاف في الوطن العربي والإسلامي، ومنهم وزير الشؤون الدّينية والأوقاف الجزائري الدكتور محمّد عيسى، لإحياء سُنّة قنوت النّازلة لأهل غزّة. واستعرض شيخ الزّاوية العلمية لتحفيظ القرآن والذِّكر، في بيان وصل “الخبر” نسخة منه، حال الأمّة الإسلامية والجراحات الغائرة الّتي أصابته، في مشارق الأرض ومغاربها، مشدّدًا على أنّ الواجب الشّرعي هو “نصرة إخواننا المسلمين على عدوّهم الكافر، ورفع الظلم عنهم، وإغاثتهم والدّعاء لهم”، مشيرًا إلى أنّ ممّا يشرع من الدّعاء قنوت النوازل. وناشد أمين مجلس “اقرأ” جميع وزارات الأوقاف في الوطن العربي والإسلامي أن تؤمر جميع أئمة المساجد بالقنوت في الصّلوات المفروضة وفي صلاة التّراويح وعند الإفطار لأهلنا في غزّة، تطبيقًا لسُنّة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام. وأفاد الشّيخ عيّة أنّ هذا القنوت يُقال له في عرف الفقهاء قنوت النّازلة، وعليه - يضيف - أنّ “القنوت في هذه الأيّام يجري، وفقا لأقوال جميع الفقهاء، إلى أن تنفرج الأزمة ويفرّج عن أهلنا في غزة، مشيرًا إلى أنّ الدّعاء من قنوت وغيره “مطلوب مع بذل أسباب النّصر لا مع القعود”. وأعاد تذكير الأئمة والدّعاة والعلماء بما يحصل في غزة من حصر وقتل وهدم وتشريد وتضييق على النّاس في كلّ شؤون حياتهم، معتبرًا ذلك “من أعظم النّوازل وأشدّها”، مشيرًا إلى أنّ “قنوت الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في النّوازل معلوم مشهور”، داعيًا المسلمين عمومًا وأئمة المساجد خصوصًا لأداء القنوت والتضرّع للقويّ المنتقم، بأن يرفع الغُمّة عن إخواننا المسلمين في غزة، لأنّ نُصرة المسلم واجبة لحديث “أنصر أخاك”، مشيرًا إلى أنّ أقلّ النُّصرة “الدّعاء” وأنّ “القنوت في النّوازل مشروع”.