تشهد ليبيا مخاضات دولية جديدة، رغم استمرار المعارك في شرق وغرب البلاد، وإن كانت حكومة الثني في طبرق قد حققت نصرا دبلوماسيا بعد دعوة الجامعة العربية لها للمشاركة في أحد اجتماعاتها بدلا من حكومة الحاسي في طرابلس، إلا أن قوات “فجر ليبيا” حققت بعض التقدم عندما تمكنت من السيطرة على القاعدة الجوية “الوطية” في الجنوب الغربي والتي كانت تحت سيطرة كتائب الزنتان. من جهة أخرى، رفض الآلاف من المصريين البقاء في مصر نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي تشهدها البلاد، حيث غادر ما لا يقل عن 50 ألف مصري معبر السلوم متجهين إلى ليبيا خلال الأسابيع الماضية، على الرغم من الانقسام الحاد والاقتتال بين مختلف الميليشيات. وأكدت وزارة القوى العاملة أنها عرضت على الكثير من المصريين في ليبيا العودة نظراً لاضطراب الأوضاع هناك لكنهم رفضوا، وأيدوا الهجرة إلى الجارة المضطربة. وشهدت الخطوط الجوية الليبية ازدحاما كثيفا أمام أبوابها وانتظارا بالساعات من قبل العاملين المصريين بليبيا للعودة مرة أخرى إلى ليبيا، رغم أن مطار طرابلس الدولي ومطار بنينا الدولي في بنغازي وحتى مطار الأبرق في مدينة البيضاء (200 كلم شرقا) لم تعود تصلح لاستقبال المسافرين جوا، إلا أن ليبيا تملك بعض المطارات الصغيرة الأخرى مثل مطار معيتيقة العسكري في طرابلس، ومطار مصراتة الدولي ومطار طبرق، ومطار سرت الدولي الذي عاد للعمل بعد توقف لنحو شهرين. غير أن تدفق العمالة المصرية إلى ليبيا يقابله موقف متشدد من جانب قوات “فجر ليبيا” ومجلس شورى ثوار بنغازي اللذين يسيطران على أكبر مدينتين إستراتيجيتين في البلاد، واللذين يريدان معاقبة مصر بسبب اتهامها بالتورط في الشأن الداخلي الليبي، والتسبب في مقتل ليبيين في قصف جوي، من خلال استبدال العمالة المصرية بعمالة من جنوب شرق آسيا. ونقل موقع العربي الجديد عن مصدر في وزارة العمل قوله إن الخطوة “رد مناسب يأتي في سياق الضغط على مصر بشأن تدخلاتها في الشؤون الداخلية لليبيا”. وفي السياق ذاته، انتقدت لجنة الشؤون الخارجية في المؤتمر الوطني الانتقالي المنتهية ولايته، اعتقال الإمارات العربية المتحدة ثلاثين رجل أعمال ليبيين، ورفعت مسودة إلى رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري أبو سهمين، لسحب سفيري ليبيا من الإمارات العربية المتحدة ومصر، وهو الطلب الذي لم يستجب له نوري أبو سهمين، خاصة وأن السفيرين لهما ولاء لحكومة الثني ومن المستبعد أم يمتثلا لهذا القرار. وفي سياق آخر، قالت مصادر دبلوماسية في جامعة الدول العربية إن وزير الخارجية في حكومة عبد الله الثني المكلفة من قبل مجلس النواب الليبي في طبرق، وصل القاهرة أمس الأول ليمثل ليبيا في اجتماع وزراء الخارجية العرب، الأحد، وهو ما يعني اعترافا ضمنيا من الجامعة بحكومة طبرق على حساب الحكومة التي شكلها المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) في العاصمة طرابلس. كما أن رئيس أركان الجيش الليبي المعين من قبل مجلس النواب الجديد، عبد الرزاق الناظوري، التقى نهاية الأسبوع الماضي كبار قادة الجيش المصري، من بينهم صبحي صدقي وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، ومحمود حجازي، رئيس الأركان المصري. وعلى الصعيد العسكري، تواصلت المعارك حول مطار بنينا في بنغازي الذي تحاول قوات مجلس شورى ثوار بنغازي انتزاعه من قوات حفتر المتمركزة بداخله. وتحدثت مصادر إعلامية عن إرسال قوات “فجر ليبيا” تعزيزات عسكرية من طرابلس وسرت إلى بنغازي لدعم “ثوار بنغازي” وهو ما نفته الصفحة الرسمية لعملية “فجر ليبيا”. وعلى الجبهة الغربية، تواصلت المواجهات المتفرقة بين قوات “فجر ليبيا” وما يعرف “بجيش القبائل” والذي يضم مقاتلي عدة قبائل ساندت كتائب الزنتان خلال معارك المطار في طرابلس، واضطرت إلى توحيد مقاتليها لمجابهة كتائب “فجر ليبيا” بعد انسحاب كتائب الزنتان من العاصمة طرابلس.