بدأت معالم التباين في مقاربات حل الأزمة الليبية تتضح إقليميا، بين الجزائروتونس الرافضتين بوضوح، وفق تصريحات مسؤوليهما، التدخل العسكري الأجنبي، وبين فرنسا ومصر اللتين تعلنان موقفا يحتمل أكثر من تأويل، خاصة في ظل ما يشاع عن دعم القاهرة للجنرال حفتر، وتلميح باريس لإمكانية توجيه ضربة عسكرية. أكد وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان أن بلاده تريد “تعبئة شاملة” خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في مواجهة التهديد الإرهابي في ليبيا. وصرح لودريان، خلال زيارته القاهرة، أمس الأول: “إن باريسوالقاهرة قلقتان على الوضع في ليبيا، ونريد تعبئة شاملة بخصوص هذا البلد في الجمعية العام للأمم المتحدة من أجل مواجهة الخطر الإرهابي”. وذكر لودريان: “في ليبيا أدركنا أنه في أعقاب عملية سيرفال في مالي، ثم عملية برخان، بدأت المجموعات الإرهابية، التي حاولت الاستيلاء على السلطة في مالي، تتزود بالموارد من الجنوب الليبي، مستفيدة من تفكك الدولة وانعدام الاستقرار، هذا يفرض علينا البقاء في حالة تأهب”. وأضاف: “أمام هذه التهديدات علينا التحرك لأن أمننا المشترك مهدد في سوريا وفي ليبيا، وعلى أبواب أوروبا ومصر”، لافتا إلى أن “هناك لقاءات سبق أن تقرر عقدها في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، يأمل أن تؤدي إلى مسودة لخارطة طريق من أجل إخراج ليبيا من الفوضى”. وكان جان إيف لودريان قد لمح في مقابلة صحفية مع لوفيغارو في 9 سبتمبر الماضي، إلى إمكانية قيام بلاده والأسرة الدولية بعمل عسكري في ليبيا. وتأتي تصريحات لودريان في مصر بعد يوم من تأكيد وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أن “الأزمة الليبية شأن داخلي بين الليبيين فقط”، ودعوته “دول جوار ليبيا إلى عدم صب الزيت على النار والالتزام بعدم التدخل”. وواضح أن لعمامرة لم يرد على لسانه أي ذكر للتعبئة الشاملة التي تتحدث عنها القاهرةوباريس. وطالب لعمامرة، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البرتغالي بالعاصمة، يوم الإثنين، الدول المجاورة لليبيا ب«الالتزام بموقف عدم التدخل والامتناع عن صب الزيت على النار، وقول كلمة الحق للفرقاء الليبيين”. وقال إن “هذه الدول مدعوة أيضا للاحتكام إلى الشرعية الدولية” بشأن القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الداعي إلى “التحكيم وتعزيز القرار الرافض لتمويل وتزويد الفرقاء الليبيين بالأسلحة والذخائر وقطع الغيار”. وأبدى لعمامرة “استعداد الجزائر لاستضافة حوار يجمع الليبيين في حال ارتأوا ذلك”. ويحمل تصريح لعمامرة رسالة إلى مصر وفرنسا مفادها أن الجزائر ترفض دعم أي طرف على حساب الآخر، في إشارة قد يكون القصد منها الجنرال خليفة حفتر، الذي تشير تقارير إعلامية إلى تلقيه الدعم من نظام السيسي في مصر ودول الخليج لمواجهة الميليشيات الإسلامية. وتشير معلومات متداولة إلى أن الطائرات مجهولة المصدر التي ضربت ليبيا كانت مصرية إماراتية. وسبق لوزير خارجية تونس، منجي الحامدي، أن ذكر أن بلاده “لا نتوقع عمليات عسكرية أجنبية، ونحن نرفضها، ونسعى إلى مساعدة ليبيا، ونأمل في الوصول إلى حل سياسي هنالك، ونؤمن أن الحل الوحيد هو الحل السياسي”. وكانت الجزائروتونس قد أبديتا استعدادهما للعب دور الوساطة بين الفرقاء الليبيين لإبعاد شبح التدخل الأجنبي.