تختتم اليوم فعاليات الدورة ال19 للصالون الدولي للكتاب، بالجزائر، بعد عشرة أيام حاول فيها كتاب الأدب والكتب السياسية والكتاب العلمي والديني، وحتى كتاب الطفل، الذي قدمته حوالي 962 دار نشر من 43 دولة، استقطاب القارئ الجزائري إلى هذا الحدث السنوي. لا يختلف اثنان من زوار المعرض، أو حتى الناشرين الذين يشاركون الصالون الدولي للكتاب، على وصف دورة هذا العالم للصالون ب«المتواضعة”، مقارنة بالعام الماضي، فلا المثقف الجزائري ولا حتى الأحداث الساخنة التي صنعت الفارق السنة الماضية في “سيلا 18” حضرت. وقد بدا الصالون “كئيبا” بلا جمهور ولا قارئ، مقارنة مع الطبعة السابقة في مثل هذا الشهر من السنة الماضية، حيث حضرت المجاهدة الكبيرة جميلة بوحيرد إلى الصالون الدولي لتكذب إشاعة وفاتها، ليحرك الحدث الإعلام العربي، إلى درجة أن قناة “الميادين” قررت تنظيم حفل ضخم ببيروت، تكريما لمسيرتها المشرفة. حدث آخر كانت له نكهة سياسة جعل من أروقة الصالون الدولي للكتاب العام الماضي حديث الصفحات الأولى للجرائد، بعد أن قرر الروائي الجزائري ياسمينة خضرا مفاجأة القارئ والسياسي، وحتى أسوار قصر المرادية، بإعلانه، من بين أروقة الكتب، عزمه منافسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على كرسي الرئاسة. وبدا الصالون الدولي للكتاب هذا العام خاليا من المفاجآت في النشر الجزائري أيضا، مقارنة بالموسم الماضي، حيث أعطت دورة العام الماضي الضوء الأخضر لنشر حوالي 40 عملا أدبيا جزائريا جديدا، بين الرواية والشعر والقصة القصيرة، ليصنع شباب الصحافة الجزائرية الحدث بامتياز، وينافسوا كبار الكتاب على طاولات البيع بالتوقيع، في جو تنافست فيه الأجيال على القارئ الجزائري. كانت سحابة “الكآبة” التي خيمت على دورة هذا العام للصالون للكتاب واضحة أيضا من خلال غياب الأسماء الأدبية ذات الوزن الثقيل، فحضور الروائية أحلام مستغانمي وتهافت الجمهور للحصول على روايتها الأخيرة” الأسود يليق بك”، في مشهد رسم علاقة القارئ الجزائري بالأدب، ما لم تعرفه دورة هذا العام لتمر روايات الكبار في جو هادئ، ما يعيد الحديث إلى مقولة أن “الجزائري هجر القراءة”. وبالتجول في أجنحة دور النشر الجزائرية الكبيرة، على غرار “القصبة” و«الشهاب”، لمسنا الهدوء والحركة المتباطئة في وتيرة بيع الكتب، فلم نلاحظ طيلة الأسبوع مشهد اصطفاف القارئ الجزائري للحصول على الكتب التاريخية والمذكرات تحديدا، كما حدث السنة الماضية مع مذكرات “مجاهدة في جيش التحرير الوطني” لزهرة ظريف، التي صنعت الحدث لأشهر مع موجة حرب التصريحات التي أطلقها المجاهد ياسف سعدي. وبالانتقال إلى مساحة الحوار والندوات التي نشطها الصالون الدولي للكتاب هذا العام نلمس عزوف المثقف الجزائري، ليبقى السؤال مطروحا “لماذا تغيب النخبة عن حدث كهذا يزور الجزائر مرة واحدة في العام؟”، وإن كان الصالون قد نجح في استقطاب الأطفال إلى مساحات القراءة الجماعية المخصصة لهم.