صدم النائب البرلماني حماني محمد الصغير عن حزب جبهة العدالة والتنمية، من الرد الذي تلقاه أول أمس، المقتضب والفارغ من محتواه لوزيرة تهيئة العمران والبيئة، عن السؤال الكتابي الموجّه لها في أفريل الماضي حول وضعية المحيط البيئي لمستنقع طبيعي بحي الريم في عنابة، الذي تعرض لاعتداء فظيع بعدما استولى مستثمران منذ قرابة سنتين على الأراضي الرطبة المحيطة به وقاما بإنجاز محطتين ضخمتين ل “خلط الاسمنت”. استغرب البرلماني حماني محمد الصغير، من تجاهل وزارة البيئة لملف تعدى أشباه المستثمرين على المحيط البيئي ورفضها تعيين لجنة تفتيش وزارية تقوم بإعداد ملف “بيئي” ثقيل، يتم من خلاله تحديد المسؤوليات بدقة، مما يسمح للجهات الوصية وعلى رأسها الوزير الأول بالتدخل لحماية الأراضي الرطبة والممتلكات العمومية من التعدي الدوري لأشباه المستثمرين، الذين يستغلون منحهم “تراخيص مؤقتة” من طرف الوالي السابق للاستيلاء بطريقة دائمة على هذه الأراضي دون وجه حق. وحسب البرلماني عن جبهة العدالة والتنمية، فكيف يتم منح تراخيص لإنجاز محطات إسمنتية ملوثة للبيئة والمحيط فوق أراض كانت موجهة لاستقبال مشاريع لإنجاز المرفق العمومي. مضيفين بأنه على الجهات الوصية إذا أرادت التدقيق في الملف مساءلة كل من مديري البيئة والسكن والتعمير والموارد المائية، خصوصا وأنهم يحوزون على وثائق ومستندات تؤكد بأن هذه الأراضي تم تخصيصها لإنجاز “حظيرة مائية ضخمة”، إضافة إلى قصر للمعارض يضم منشآت ومرافق ثقافية وتجارية وترفيهية حديثة تم الاتفاق على إعداد الدراسات التقنية بالشراكة مع مدينة سانت إيتيان الفرنسية التي سبق وأن قام وفد فرنسي يقودهم رئيس بلدية سانت إيتيان إلى الموقع المستولى عليه حاليا من طرف أصحاب هاتين المحطتين. علما وأنه في سنة 2002 قامت مديرية التعمير بالولاية والمصالح البلدية، بوضع تخطيط ودراسة في هذه الحديقة المائية وكان الوزير الأسبق شريف رحماني قد قام بزيارة هذا الموقع واطلع على هذه الدراسة، إلا أن اعتراض أشباه المستثمرين على هذه المشاريع ذات المنفعة العامة مكّنهم من الاستيلاء على هذه الأراضي الرطبة بتواطؤ جهات نافذة. ودعا بعض المهتمين بشؤون حماية البيئة، باستدعاء عاجل لجميع المديريات التنفيذية المعنية، على رأسهم مديرية أملاك الدولة والسكن والتعمير، بالإضافة إلى مسؤولي مديرية البيئة للتحقيق معهم حول الجهة “المتواطئة” في منح الرخص والأرضي المصنفة ضمن الخطوط الحمراء “المحميات” لأشباه المستثمرين ليعيثون فيها فسادا. والدليل على ذلك ما يحدث عند المدخل الرئيسي لملعب 19 ماي، أين قام مستثمران بإنجاز محطتين ضخمتين لخلط الإسمنت، استولا من خلالهما على مساحة تتجاوز 10 هكتارات من المحيط البيئي لمستنقع طبيعي، كانت تحج إليه سنويا المئات من أنواع الطيور المهاجرة، إلا أن التوسع الفوضوي لأصحاب هاتين المحطتين الإسمنتيتين وتعمّدهما رمي آلاف الأطنان من الأتربة وفضلات البناء على طول محيط المستنقع قلّص من حجمه وزاد من نسبة تلوث مياهه، ولم يتوقف صاحبا المحطتين عند هذا الحد، بل قاما ببناء “مراحيض جماعية” لعمال الورشتين تصبّ قنواتها بشكل فوضوي في المستنقع، مما تسبّب في هجرة الطيور. وطالب برلمانيون بالتدخل الفوري لسحب الرخص الممنوحة لهؤلاء النافذين، واستدعاء المديرين التنفيذيين للاستفسار لديهم عن المسؤول عن هذه الكارثة الإيكولوجية، سيما وأن بعض المديرين كمّمت أفواههم وجفّفت أقلامهم لكتابة التقارير وتحرير الإعذارات خوفا من العقاب اللاحق.