خلّفت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب في مصر، الكثير من الجدل ورسخت لواقع سياسي جديد قد يكون خاليا من تيار الإسلام السياسي، الذي مني ممثله الوحيد بخسارة ساحقة في البرلمانيات، فتصدر التيار المدني وقائمة “في حب مصر” نتائج الانتخابات التي بلغت نسبة التصويت فيها نحو 27%، نتيجة كانت متوقعة وجاءت غير مرضية للنظام المصري، بسبب عزوف شريحة كبيرة من الناخبين عن المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي الذي يعد آخر محطة في خارطة الطريق، التي تم وضعها بعد عزل الجيش، الرئيس السابق محمد مرسي. ويقول متابعون ومراقبون إنه وعلى الرغم من قلة نسبة المشاركة في البرلمانيات، إلا أنها تعبّر بشكل واضح عن حالة المزاج السياسي العام في مصر، وتوجه عام برفض تيارات بعينها، من بينها الإسلام السياسي، بينما تستعد محافظات المرحلة الأولى من بينها الجيزة والإسكندرية وسوهاج، لإتمام جولة الإعادة التي ستقام يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين، ومن المتوقع أن تشهد مواجهة ساخنة بين حزب النور السلفي والمصريين الأحرار، الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، في محافظاتاسيوط والاسكندرية والجيزة، ويبلغ إجمالي عدد المرشحين 444 يخضون الإعادة على 222 مقعد بينهم 26 للنور. وبرر ياسر برهامي، رئيس الدعوة السلفية، خسارة النور في العراك الانتخابي بسبب تعرضه لحملة تشويه غير مسبوقة وصلت الى حد اتهام أعضاء الحزب بأنهم داعشيون وإرهابيون، ووصف العملية الانتخابية بأنها “غير عادلة”، وازدواج السلطة والمال وحمل الرئيس السيسي المسؤولية، بينما لا تزال تصر بعض القيادات بالحزب على ضرورة المقاطعة والانسحاب من الماراطون الانتخابي. من جهته، يؤكد أحمد بان، الباحث المختص في شؤون الجماعات الاسلامية، أن حزب النور السلفي لن ينسحب من الانتخابات، وأن تلويحه بالمقاطعة مجرد ورقة ضغط يريد بها تحسين شروط البقاء، موضحا في تصريح خص به “الخبر”، “بالفعل انعقد اجتماع، أمس الأول، للهيئة العليا لحزب النور ولوح بفكرة الانسحاب، لكنه في الحقيقة لا يملك جرأة الانسحاب من المشهد السياسي، وللعلم النور يتحرك وفق قاعدة الخوف لا الطموح، وبالتالي سيبقى ليحمي مكاسبه الدعوية والقدرة على الاتصال بالناس”. وفسر أحمد بأن هزيمة النور في انتخابات مجلس النواب وتراجعه قائلا “حزب النور ممثل التيار الاسلام السياسي، وهو الفصيل الوحيد الذي خاض المعترك الانتخابي من خلال سياقات غير مواتية في اتجاه تحول ديمقراطي حقيقي، وهناك أسباب موضوعية عديدة أدت إلى تراجعه، من بينها بنية الحزب وتأسيسه، والانشقاقات التي حصلت بالحزب في أعقاب يناير، وإنشاء حزب باسم الوطن، كل ذلك أضعف النور، فضلا عن انحيازه للدولة وثورة 30 يونيو، ما أخسره أصوات ودعم قواعده التقليدية التي وصلت به للحصول على ربع البرلمان السابق، فبالتالي الأزمة البنيوية والمواقف السياسية التي اتخذها النور أدى إلى تراجعه، وساهم في ذلك أيضا الحملة الممنهجة لشيطنته من طرف منابر تنظيم جماعة الاخوان المسلمين والنظام السياسي والتيار المدني المصري، كل هذه الاسلحة كانت مصوبة تجاه النور، ما أدى إلى تراجع حظوظ الحزب وأنا شخصيا توقعت الا يحوز اكثر من 5%، لم ينجح في تحقيق هذه النسبة حتى”. أما على الصعيد الأمني، قتل، أمس، ضابط وأصيب 3 آخرون في انفجار مدرعة للشرطة المصرية غربي مدينة العريش بمنطقة شمال سيناء، التي تعد منطقة معقل تنظيم أنصار بيت المقدس الذي أعلن ولاءه لتنظيم داعش وأطلق على نفسه اسم “ولاية سيناء”، وكثف الجيش من عملياته ضد المتشددين في شمال سيناء، بعد مقتل مئات من رجال الجيش والشرطة في هجمات للمتشددين بالمنطقة. وفي محافظة الجيزة، أصيب أربعة أشخاص بينهم شرطيان، أثناء قيام قوات الأمن المصرية بتفكيك قنبلة قرب الأهرامات.