خلال حديثه ل “الخبر” عن تأثير عدم تعاطي جرعات الأنسولين على صحة مرضى السكري، أوضح البروفيسور جون كلود إمبانيا، اختصاصي داء السكري والغدد بجامعة ياوندي والرئيس السابق للاتحاد الدولي لداء السكري، أن الرقابة المثلى لمستوى السكري في الدم تنطلق من تعاطي الجرعات اللازمة للأنسولين، وهو ما لا يتوفر عند نسبة كبيرة من المرضى، حسب محدثنا الذي تكلم عن أمور أخرى تعتبر أساس صحة مريض السكري في الحديث الذي أجريناه معه. نعرف أن الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس هو مفتاح الطاقة اليومية لجسم الإنسان، فهل لكم أن تطلعونا على تأثير افتقاد الجسم للنسبة المحددة للأنسولين عند المصابين بداء السكري؟ يجب أن نعلم أن نسبة الأنسولين الصحيحة تسمح بالتحكم في السكري جيدا، فإذا ما افتقدت تلك النسبة يتوجب مساعدة الجسم على ذلك، وهو ما يقوم به بديهيا كل مصاب بداء السكري من خلال تعاطيه لنسبة الأنسولين التي يحتاجها جسمه، لكن يظهر أن واقع الأمر لدى كثير من المرضى يطرح إشكالية عدم تعايش مرضى السكري بطريقة مثلى مع مرضهم، كعدم حرصهم على الرقابة المثلى لمستوى السكري في الدم الذي ينطلق من تناول الجرعات اللازمة للأنسولين، حيث تبين لنا من خلال آخر أكبر دراسة حول السكري دامت 10 سنوات، حول تعامل المرضى مع الداء والتعايش معه، أن 29.8% من المرضى هم فقط القادرون على التحكم بالمرض، بينما لا يتحكم أكثر من 70% منهم في الداء، وهو ما يعرضهم لمضاعفات صحية خطيرة، منها عمى العينين والقصور الكلوي وتصلب شرايين القلب، وهنا أفتح القوسين لأشير إلى الدراسة التي أجريت مؤخرا في إنجلترا حول السكري، والتي بينت أنه كلما تم التحكم في مستوى السكر في الدم انخفض مستوى المضاعفات الصحية. من بين النتائج التي أسفرت عنها الدراسة التي أشرتم إليها، عدم إجراء مرضى السكري للفحوصات اللازمة التي تقيهم مضاعفات الداء، كيف تفسرون ذلك؟ هذا صحيح.. فقد اتضح بأن المرضى لا يتولون مراقبة مرضهم، خاصة من يعانون من النوع الأول من داء السكري، فنجدهم يهملون فحص قياس الجلوكوز، وكذا إجراء الفحوصات اللازمة التي تبين استعداد الشخص للإصابة بالنوع الثاني من المرض، والذي يخضعه لتعاطي الأنسولين، كما أنهم لا يراجعون طبيب أمراض الكلى ولا اختصاصي أمراض العيون والمختص في أمراض الشرايين، وهذا طبعا دليل على عدم توفر الوعي حول مرض السكري، وإلا كيف تفسرون بالله عليكم مراجعة المريض لطبيبه المعالج لمدة 3 ساعات فقط خلال 365 يوم في السنة للعناية بمرضه؟ رغم أن الأحرى به أن يخصص وقتا أطول للاعتناء بصحته، وهذا طبعا يفسره نقص الوعي بخطورة المرض، وأود في هذا المجال أن تهتم جمعيات مرضى السكري بهذا الأمر، وتحسيس المريض بأهمية مراجعة طبيبه الذي يعتبر أفضل صديق له. نعرف أن الأطفال يشكلون نسبة معتبرة ضمن المصابين بداء السكري، فهل هناك دراسات عُنيت بسلوك هؤلاء الصغار وتعايشهم مع الداء؟ نعم.. متعددة هي الدراسات التي عنيت بصغار مرضى السكري، منها تلك التي شملت 6000 طفل من 20 دولة من 5 قارات، واهتمت بالاطلاع على تعايش الأطفال المصابين بالسكري مع الداء خلال حياتهم اليومية، كما هدفت إلى رفع الوعي وسط المحيط الذي يعيش فيه الصغار، وخاصة محيطهم الدراسي، من خلال منع التمييز داخل المدرسة بين الأطفال المرضى وزملائهم، وتحسيس أصحابهم داخل القسم وبالمدرسة بمعاناة زملائهم المرضى، وذات الدراسة بينت أن 70% من صغار المرضى الذين شكلوا العينة لا يقومون بالفحوصات اللازمة لقياس السكري في الدم لديهم، وهو ما يتطلب طبعا حملات تحسيسية في الوسط الذي يعيش فيه هؤلاء الصغار.