سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، خيرُ أهل الأرض نسبًا على الإطلاق. فلنسبه من الشّرف أعلى ذروة، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوّه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم. فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته، وأشرف الأفخاذ فخذه. فقد اختاره سبحانه وتعالى من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب. فما تسلّل شيء من أدران الجاهلية إلى شيء من نسبه، وقد أشار صلوات الله وسلامه عليه إلى ذلك بقوله: ”إنّ الله اصطفى مِن وَلد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريش، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار من خيار”. وقال في رواية لمسلم بسنده: ”إنّ الله اصطفى كِنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى هاشمًا من قريش، واصطفاني من بني هاشم”. وفي رواية للترمذي، أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قام يومًا على المنبر فقال: ”مَن أنا”؟ فقالوا: أنت رسول الله عليك السّلام. فقال: ”أنا محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب، إنّ الله خلق الخلق ثمّ جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ثمّ جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثمّ جعلهم بيوتًا فجعلني في خيرهم بيتًا، وخيرهم نفسًا”.