“قيمة المرء ما يُحسن فعله” هو الشعار الخاص بالمعلم ياسين بوقنة المشرف على قسم السنة الأولى ابتدائي بمدرسة قهام صالح بمشتة تازوريت أولاد عامر ببلدية لازرو الواقعة شمال شرق ولاية باتنة، والذي أراد تعليم تلاميذه بطريقة متميزة وفريدة من نوعها في هذا السلك، مستفيدا من تجربته الثلاثية الأبعاد. تكمن أولى هذه الأبعاد في البعد الرياضي، وثانيها البعد المسرحي وثالثها في البعد التعليمي اللغوي، كيف لا؟ وهو الذي قطف من كل روض زهرة، فمن روضة الرياضة قطف زهرة اللاعب والمدرب والحكم في كرة القدم رغم عدم تجاوزه ال 28 ربيعا، حيث كان حارسا سابقا بفريقي شباب سريانة وأمل زانة البيضاء لأزيد من 6 سنوات، كما تحصّل على شهادة مدرب درجة أولى في اختصاص كرة القدم، وحكم منخرط في القسم الشرفي وما قبل الشرفي بالرابطة الولائية لكرة القدم بباتنة منذ سنتين لجميع الأصناف من البراعم إلى الأكابر. ومن روض المسرح، قطف زهرة الهواية الدراماتيكية نتيجة إشرافه على عدة مسرحيات رفقة التلاميذ والمونولوج وكذا التأليف الروائي والتي حوّلها لاحقا إلى مسرحية هي الأُخرى، وأخيرا قطف من زهرة التعليم شهادة الليسانس في الأدب العربي سنة 2011 من جامعة الحاج لخضر بباتنة. الأبعاد الثلاثة التي تم ذكرها ساهمت بشكل كبير في صقل شخصية و”كاريزما” معلم السنة الأُولى ابتدائي، والتي يعتبرها مفيدة جدا في طريقة التعامل مع هذه الفئة من المجتمع. ويضيف المعلم ياسين بأنه عانى الأمرّين عند قدومه أول مرة لتدريس التلاميذ، أين اصطدم بجملة من العوائق أبرزها الخوف، البكاء، التردد في الكلام والإجابات، إضافة إلى الغيابات المتكررة للتلاميذ، ومما زاد الطين بلة هو حداثة عهده بالتعليم، حيث يعتبر هذا الموسم الدراسي فاتحة مسيرته التعليمية، وبعد كل هذه العقبات التي وجدها في طريقه، لم يجد بدا للخروج من هذا المأزق سوى الاستنجاد بالقوة ثلاثية الأبعاد للتغلب عليها، حيث بدأ باستخدام سلاح المسرح أثناء أوقات الراحة والفراغ من أجل كسر حاجز الخوف المسيطر على الأطفال في بداية مرحلتهم التعليمية، فضلا عن إضفاء جو من المرح على هذه الفئة العمرية الخاصة، وهنا استرسل في وصف بداية التغيير الجذري في سلوك التلاميذ الذين بدأت ملامح الخوف والتردد والبكاء تذوب جزئيا على عتبات حرارة الفواصل المسرحية، ليتوجه المعلم بوقنة إلى البعد الثاني والمتمثل في السلاح الرياضي، حيث نظّم دورة رياضية بمساعدة معلمي السنة الثالثة والرابعة ومديرة المدرسة، أدرج فيها التلاميذ كلاعبين وأيضا كحكام، حيث صنعت أجواء استثنائية لم يشهدها التلاميذ من قبل، اكتشف فيها البراءة المحرومة وتأثرهم الشديد، كما أن التحكيم الرياضي لفئة البراعم ساعده في طريقة التعامل مع الأطفال الصغار خصوصا من الجانب السيكولوجي. وعن القوة الثالثة الخاصة بسلاح التعليم، فقد استغل شهادته الجامعية ليوظفها في توصيل رسالته بالشكل الأنسب لتلاميذ الابتدائي وكذا أتباع سياسة التحفيز المادي والمعنوي، حيث لاحظ عدم قدرة تلاميذه على النطق في بداية الأمر، إلا أن الأمر تغيّر وأصبحوا يتحدثون بشكل عفوي جدا. وختم المعلم حديثه بأنه جنى ثمار هذه المنهجية التعليمية الثلاثية الأبعاد في وقت قياسي جدا، إذ لم يمر على مسيرته في سلك التربية والتعليم سوى شهرين وأيام معدودة فقط.