قال تعالى: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” آل عمران:100-101. الإيمان بالله وتقواه ومراقبته في كلّ لحظة من لحظات الحياة والأخوة في الله، تلك الّتي تجعل من الجماعة المسلمة بنية حيّة قويّة صامدة، قادرة على أداء دورها العظيم في الحياة البشرية وفي التاريخ الإنساني، دور الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وإقامة الحياة على أساس المعروف وتطهيرها من لوثة المنكر. إذا كانت آراء المفسّرين قد تعدّدت في المراد بحبل الله هنا، فإنّ للأستاذ محمّد عبدو عبارة يقرّر فيها أنّ الأشبه بأسلوب القرآن الجليل أن تكون العبارة تمثيلاً، كأنّ الدّين في سلطانه على النّفوس واستيلائه على الإرادات وما يترتّب على ذلك من جريان الأعمال على حسب هديه، حبل متين يأخذ به الآخذ فيأمن السّقوط، كأنّ الآخذين به قوم على مكان مرتفع من الأرض يخشى عليهم السّقوط منه فأخذوا بحبل متين، جمعوا به قوّتهم فامتنعوا من السّقوط. ويقول السيّد رشيد رضا: إنّ المختار هو ما ورد في الحديث المرفوع من تفسير حبل الله بكتابه، ومَن اعتصم به كان آخذًا بالإسلام، ولا يظهر تفسيره بالجماعة والاجتماع. وإنّما الاجتماع هو نفس الاعتصام، فهو يوجب علينا أن نجعل اجتماعنا ووحدتنا بكتابه، عليه نجتمع وبه نتّحد، لا بجنسيات نتّبعها ولا بمذاهب نبتدعها ولا بمواضعات نضعها، ولا بسياسات نخترعها ثمّ نهانا عن التفرّق والانفصام بعد هذا الاجتماع والاعتصام، لما في التفرّق من زوال الوحدة الّتي هي معقد العزّة والقوّة، وبالعزّة يعتزّ الحقّ فيعلو في العالمين، وبالقوّة يحفظ هو وأهله من هجمات المواثبين وكيد الكائدين. فهذا الأمر والنّهي في معنى الأمر والنّهي في قوله تعالى: ”وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” الأنعام:153، فجعل الله هو صراطه المستقيم.