تتعمد كثير من الأمهات الاستغناء عن إرضاع أبنائهن حرصا منهن للمحافظة على رشاقة أجسامهن، وخصوصا إذا كانت الأم عاملة أو لديها انشغالات أخرى، تضطرها لعدم التواجد باستمرار إلى جانب طفلها الرضيع، ما يجعلها مضطرة للتخلي عن الرضاعة الطبيعية واعتماد الحليب الاصطناعي. تشير إحصائيات المنظمة العالمية للصحة إلى تسجيل 36 ألف وفاة لدى الرضع بالجزائر سنويا، يمثل الذين يتوفون بعد الولادة 20 ألفا منها، بينما يشكّل من يولدوا موتى ال15 ألف المتبقية، وهو ما اعتبره البروفيسور لبان جميل، رئيس مصلحة الرضع بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، رقما ضخما بالإمكان تفاديه باعتماد الرضاعة الطبيعية التامة من قبل كل أم، التي من شأنها أن تعود بالنفع على صحة الأم والوليد معا. وعن الأمراض التي بإمكان الأم المرضعة تفاديها، سواء بالنسبة لها أو لصغيرها إذا ما اعتمدت على الرضاعة الطبيعة بنسبة 100 في المائة، أكد محدثنا أنه إلى جانب تخفيضها لنسبة الوفيات خلال الأشهر الأولى من حياة الرضيع، من شأن الرضاعة الطبيعية أن تقي المولود مختلف الأمراض غير المتنقلة، مثل داء السكري وداء ارتفاع الضغط الشرياني وأمراض القلب، علما بأن الفوائد الصحية لا تتوقف على الرضيع فقط، بل تعني الأم كذلك، فقد ثبت علميا أن الأمهات المرضعات أقل عرضة للإصابة بسرطان الرحم والمبيض؛ لأن مستويات هرمون الأستروجين تكون قليلة أثناء فترة الرضاعة، زيادة على أنها تقلل من الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 25 في المائة، ويتناسب ذلك عكسيا مع مدة الرضاعة، فكلما زادت سنوات وأشهر الرضاعة، قل خطر تعرضها للإصابة بهذا الداء، والأمر نفسه بالنسبة لهشاشة العظام، فقد ثبت أن النساء اللواتي يعزفن عن الرضاعة الطبيعية، عرضة للإصابة بهشاشة العظام 4 مرات أكثر من المرضعات، كما أنهن عرضة للإصابة بكسور الفخذ في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث. كما تنعكس آثار هذه الرضاعة على نفسية الأم بالإيجاب، إذ أظهرت آخر الدراسات العلمية أن الأم المرضعة تكون درجة قلقها وتوترها وشعورها بالاكتئاب بعد الولادة، أقل كثيرا من الأمهات غير المرضعات. يحدث هذا، في الوقت الذي لم تشهد الجزائر ميلاد أي مستشفى من مستشفيات أصدقاء الرضع، رغم اقتراح وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات فتح 137 مستشفى من النوع ذاته عبر الوطن، تهتم بترقية الرضاعة الطبيعية وتشجيعها. وعن هذه المسألة، أشار البروفيسور لبان إلى أنها متعددة، منها عدم اهتمام المختصين في المجال وتقيدهم باحترام المقترح، ومنهم القابلات والمختصين في أمراض النساء والتوليد والممرضين، مع غياب تام للتكوين الطبي في اختصاص الرضع.