تعيش البرازيل على وقع أزمة سياسية متعددة الأوجه بعد حسم مجلس الشيوخ في قرار عزل الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، حيث استدعت البرازيل سفراءها في فنزويلا وبوليفيا والإكوادور وكوبا للتشاور، بعد إدانة تلك البلدان قرار عزل الرئيسة البرازيلية بشبهة الفساد، فيما شهدت شوارع مدينة ساوباولو تظاهرات عقب قرار مجلس الشيوخ. بعد عزل الرئيسة البرازيلية اليسارية، ديلما روسيف، توعّدت هذه الأخيرة بمقاومة ما وصفتها بالحكومة الانقلابية، فيما شددت الحكومة البرازيلية انتقاداتها لما وصفته جهلا بالقوانين في البرازيل. وجمّدت فنزويلا العلاقات مع البرازيل، وأدانت الإجراءات التي أدت إلى تنصيب اللبناني الأصل ميشال تامر رئيسا للبرازيل ووصفتها بأنها انقلابا. وقالت الخارجية الفنزويلية في بيان، إنه “تقرر سحب السفير في جمهورية البرازيل الاتحادية بشكل نهائي، وتجميد علاقاتنا السياسية والدبلوماسية مع الحكومة المنبثقة من انقلاب برلماني”. كما أعلن رئيس الإكوادور الاشتراكي رفاييل كوريا، استدعاء القائم بالأعمال من البرازيل، إثر إقالة روسيف، واصفا ذلك في تغريدة بأنه “خيانة”. من جهتها، قالت الحكومة الكوبية، إنها “ترفض بشدة الانقلاب البرلماني” ضد الرئيسة روسيف التي “تشكل إساءة للشعب الذي انتخبها”. وفي هذا السياق، شهدت مدينة ساو باولو، أكبر مدن البرازيل، مظاهرات احتجاجية على عزل ديلما روسيف من الرئاسة، سرعان ما تطورت إلى اشتباكات بين محتجين ملثمين والشرطة التي أطلقت الغاز المدمع. ويتضح أن رد فعل الحكومات الاشتراكية، ينم عن اعتبارين، الأول المساندة لرئيسة البرازيل الممثلة للتيار اليساري وهي خليفة لولا داسيلفا، وثانيا مخاوف هذه البلدان من “انحراف” وخروج البرازيل من دائرة التوجهات اليسارية الاشتراكية على المستويين السياسي والاجتماعي، لما يمثله ذلك من تأثير في المنطقة، بالنظر إلى وزن البرازيل التي تعتبر أحد أكبر الاقتصاديات العالمية، وأحد أعضاء منظمة “البريكس” للدول الصاعدة، التي رشحت لأن تمثل بديلا اقتصاديا منافسا لأمريكا الشمالية ومنظمة “النافطا”. من ناحية أخرى، قال الرئيس الجديد ميشال تامر، إنه حان الوقت لتوحيد البلاد، وتعهّد بالعمل على إنقاذ الاقتصاد الذي يعاني من الركود. وفي أول كلمة له بعد أداء اليمين الدستورية، قال تامر، إن البرازيل بحاجة إلى ضمان الاستقرار السياسي لجذب المستثمرين الأجانب، وأن هناك جملة من التحديات، لكن المؤشرات تدل على أن الثقة بدأت تعود.
وكان مجلس الشيوخ البرازيلي، قد اتخذ قرارا الأربعاء، بعزل الرئيسة اليسارية ديلما روسيف من منصبها لمخالفتها قوانين الميزانية. وصوّت أعضاء المجلس بواقع 61 صوتا من بين 81 بإدانة روسيف لاستخدامها، على نحو غير قانوني، أموالا من بنوك حكومية لتعزيز الإنفاق العام، مما ينهي 13 عاما من حكم حزب العمال اليساري لأكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية. وفي تصويت آخر، قرر مجلس الشيوخ احتفاظ روسيف بحقوقها السياسية والمدنية رغم قرار عزلها، في حين تعهدت هي بالطعن في قرار عزلها ووصفته بأنه انقلاب برلماني، وهو ما يتيح لها مواصلة مشوارها السياسي، وإن بدا واضحا أن البرازيل مقبلة على تجاذبات سياسية بين التيار اليساري واليميني.