قامت السلطات الغابونية في الساعات الأخيرة باستفسار كل أجهزتها الأمنية لحماية الوفود المشاركة في كأس أمم إفريقيا التي ستنطلق، يوم السبت، من احتمال حدوث انزلاق بسبب دعوات المعارضة بمقاطعة الدورة. ولم يتوقف المعارضون السياسيون للدعوة إلى التشويش على كأس أمم إفريقيا على خلفية اتهام السلطة بتزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة، منذ إعلان تنظيمات محلية على شبكة التواصل الاجتماعي عن مقاطعة الدورة. وطالبت المعارضة الشعب الغابوني "باسم حرية التعبير، وحقيقة صناديق الاقتراع، وسيادة الشعب، واحترام شهدائه، ندعو إلى مقاطعة كأس أمم إفريقيا بالوسائل السلمية، والابتعاد عن العنف"، وفق ما جاء في تقارير صحفية. وتعيش المعارضة والنظام في الغابون قطيعة، منذ شهر أوت الماضي، على إثر نتائج الانتخابات الرئاسية التي أعادت انتخاب علي بونغو أونديمبا، وهو ما اعتبره جان بينغ "سرقة لفوزه". ولم تنتظر السلطات الحكومية دعوة المعارضة بمقاطعة الدورة بتوزيع وحدات الأمن عبر المدن التي ستحتضن الدورة القارية، كما اتخذت احتياطاتها لملء المدرجات بالتلاميذ، في حال مقاطعة المقابلات من طرف الجماهير، وأيضا حفاظا على نجاح وطابع الإثارة لكأس أمم إفريقيا. ولم تطمئن تصريحات الرئيس الذي طعن في شرعيته، علي بونغو أونديمبا، الشعب والمعارضة في خطاب ألقاه بمناسبة حلول عام 2017 عن حوار سياسي، قال فيه إنه سينطلق بعد تنظيم كأس الأمم الإفريقية، وهو الخطاب الذي اعتبر بمثابة خدعة يريد الرئيس من ورائها ربح الوقت وإسكات المعارضة إلى غاية انتهاء كأس أمم إفريقيا للبقاء في كرسي الرئاسة. وكان من المقرر أن تنظم النسخة 31 لكأس أمم إفريقيا في ليبيا، إلا أن الأوضاع الأمنية التي تعيشها البلاد حالت دون ذلك، فتقرر تنظيمها في الغابون.
عمال النظافة يطلقون أول شرارة الاحتجاجات وما لم يكن متوقعا حدث أياما قليلة قبل انطلاق العرس القاري، حين شرع عمال النظافة في إضراب، فقد تركوا القمامات في كل مكان في الغابون احتجاجا على عدم رفع أجورهم، وهو ما أرعب الحكومة الغابونية التي تخشى امتداد الإضراب إلى قطاعات أخرى وتحول الإضراب إلى مطالب سياسية، ينجر عنه حدوث تشويش جدي على المنافسة القارية. تعدّ ليبروفيل ذات أهمية قصوى للغابون بالدرجة الأولى، لكونها العاصمة والمدينة الأكبر، كما أنها الأبرز من حيث الكثافة السكانية التي بلغت 850 ألف نسمة، بحسب إحصائيات عام 2014، أي أنها تعدّ أكثر من نصف ساكني البلاد. من الناحية الجغرافية، تتسم ليبروفيل بموقع ساحلي استراتيجي وخلّاب "طبيعياً"، كما أنها مركز تجاري حيوي للغابون، باعتبارها تقع على نهر كومو المحاذي لخليج غينيا، وهو موقع عريق اكتشفه الملاحون البرتغاليون في أواخر القرن 15. رياضياً، ليبروفيل هي الوجهة الأساسية لكل حدث رياضي كبير على المستويين المحلي والقاري؛ كونها تحتوي على أكبر ملعبين في البلاد، وهما ملعب عمر بونغو المسمّى على شرف رئيس البلاد، وملعب دانغوندجه والمعروف بملعب الصداقة، وهما اللذان سيكونان الحاضنين الأساسيين لمنافسات "الكان". وأعطت الحكومة الغابونية اهتماما خاصا للعاصمة من الناحية الأمنية، خشية أن تكون مصدر الشرارة الأولى لأي أحداث شغب، ما استدعاها إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لاستقبال مكان إقامة الوفود المشاركة عند قدومها إلى الغابون، وخاصة مكان إقامة مسؤولي الكنفيدرالية الإفريقية، المتهمين في نظر المعارضين السياسيين، بتواطئهم مع النظام القائم، لكونهم عزفوا عن نقل تنظيم الدورة إلى بلد آخر، على خلفية الصراعات السياسية الداخلية التي اندلعت بين السلطة والمعارضة، بسبب نتيجة الانتخابات الرئاسية.