من بوسعادة إلى حي بروكلين الشهير بنيويورك هي قصة جلول مربروك، الذي ظل سنين طوال يبحث عن أصله لأنه كان يعلم أنه يختلف كثيرا عن أقرانه الأمريكيين، فجاء اللقاء على هامش تظاهرة فنية ليرفع اللثام على تفاصيل قصة عائلية لا تزال تحتفظ بالكثير من أسرارها. بورتريه المعني الذي أجراه موقع قناة "الحرة" الأمريكية بقلم الزميل السابق في "الخبر"، محمد بوزانة، يروي قصة جلول الذي اشتغل صحفيا لمدة طويلة ليتفرغ لكتابة الشعر منذ فترة ويقضي أيام تقاعده رفقة زوجته مارلين شمال نيويورك. نقطة التحول في حياة جلول كانت سنة 1991 حين التقى بجزائرية تدعى مباركة فرحاتي في معرض تشكيلي لوالدته في واشنطن، وكانت تشغل منصب مديرة متحف إيتيان ديني بمدينة بوسعادةالجزائرية، ولما علمت أنه ابن أنيتا رايس أعلمته أنه جزائري، فوالدته ظلت تكتم عن أسرار أصوله وعن والده الذي قالت له أنه توفي وهو في بطنها والحقيقة أنه مات سنة 1978 اي سنوات طويلة بعد ميلاده (جلول). الجزائرية التقت بعدها بوالدته أنيتا رايس التي استقرت لفترة بمنطقة بوسعادة ورسمت أكثر من 147 لوحة عن هذه المنطقة الساحرة. وخلال هذا اللقاء اكتشف جلول الكثير من الأمور، من بينها أنه له اخوة في منطقة بوسعادة، مكنته من التواصل معهم عبر الهاتف بعد عودتها للجزائر. وعلم أيضا علم أيضا أن والدته سافرت في 1930 إلى مدينة بوسعادة التي كانت في تلك الفترة مقصد العديد من الفنانين العالميين لما تمثله مناظرها الطبيعية وهدوؤها من مصدر إلهام للمبدعين. وكانت أنيتا رايس التي غيرت اسمها فيما بعد إلى خوانيتا غوتشيوني، وهو اسم زوجها الإيطالي، تعيش مع قبائل أولاد نايل، وبدأت ترسم لوحات تخلد فيها حياتهم اليومية وعاداتهم، إلى أن أصيبت بمرض أجبرها على الاستنجاد بصديقة بريطانية. وفي منزل هذه الصديقة كان يعمل والد الشاعر جلول "بن عيسى مبروك"، الذي تزوج لاحقا بأنيتا. وبعد ولادته بشهرين فقط طارت به أنيتا الى الولاياتالمتحدة دون رجعة. وظل جلول يبحث عن خبايا أصوله، فقال "أفراد عائلته من أخواله وغيرهم كانوا ينظرون الي نظرة ازدراء فتيقنت أنني مختلف عنهم". ويحلم جلول مربروك اليوم زيارة الجزائر ومنطقة بوسعادة بالتحديد لوضع صور واسماء على ماض يجهل عنه كل شيء.