أيد أكراد كردستان بنسبة 92 بالمئة استقلال إقليمهم عن العراق، كما أفادت المفوضية العليا للانتخابات الأربعاء. ويشهد الإقليم ضغوطا إقليمية ودولية شديدة ومتواصلة لأجل إلغاء نتائج الاستفتاء الذي نظم الاثنين رغم معارضة السلطات العراقية، والتي رفضت مسبقا أي تفاوض مع أربيل في هذا السياق. وقال مسؤولون في المفوضية خلال مؤتمر صحافي في أربيل إن 92,73 بالمئة من 3305925 شخصا، صوتوا ب"نعم" في الاستفتاء الذي بلغت نسبة المشاركة فيه 72,16 بالمئة. وترى سلطات أربيل، التي تحكم كردستان (شمال العراق) منذ الغزو الأمريكي عام 2003 على شكل حكم ذاتي، في الاستفتاء خطوة تاريخية في مسعاها لإقامة دولة مستقلة.
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن مجلس الوزراء سيحظر "الرحلات الجوية الدولية من كردستان وإليه بعد ثلاثة أيام، في حال لم يتم إخضاع المطارات للحكومة الاتحادية". وبلغت هيئة الطيران المدني العراقية شركات الطيران الأجنبية بوقف الرحلات إلى كردستان ابتداء من يوم الجمعة.
إلغاء الرحلات الجوية الأجنبية إلى كردستان
وقالت شركة مصر للطيران الأربعاء إنها قررت وقف رحلاتها بين القاهرة وأربيل بدءا من الجمعة بعد تلقيها إخطارا من هيئة الطيران المدني العراقية بوقف الرحلات. وقالت الشركة في بيان: "بناء على قرار سلطة الطيران المدني العراقي تم تعليق رحلات الشركة إلى مطار أربيل اعتبارا من الساعة الثالثة عصرا بالتوقيت العالمي من يوم الجمعة القادم الموافق 29 سبتمبر لحين إشعار آخر".
وقالت هيئة الطيران المدني العراقية إنها أبلغت شركات الطيران الأجنبية بوقف الرحلات الدولية إلى كردستان ابتداء من الساعة 15.00 بتوقيت غرينتش الجمعة والسماح فقط بالرحلات الداخلية.
من جانبها، أعلنت القنصلية التركية في أربيل تعليق الرحلات بين تركيا وشمال العراق من الجمعة. وفي وقت سابق الأربعاء قالت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية بدورها إنها ستعلق الرحلات من وإلى مطار أربيل ابتداء من الجمعة.
وتعتبر بغداد الاستفتاء غير دستوري خاصة وأنه لم يقتصر على المنطقة الكردية فقط ولكن أجري في مناطق متنازع عليها تحت سيطرة الأكراد بشمال البلاد. وعارضت الولاياتالمتحدة وكبرى الدول الأوروبية والجارتان تركياوإيران قرار تنظيم الاستفتاء الذي وصفه البعض بأنه مزعزع للاستقرار في وقت يقاتل فيه الجميع تنظيم "الدولة الإسلامية".
"الخيار العسكري مطروح"
من جانبها ردت تركيا بقوة على استفتاء كردستان العراق، مؤكدة أن جميع الخيارات، وضمنها العسكري تبقى مطروحة. وإذا كان تصويت الاثنين غير ملزم، فإن أنقرة تخشى أن يؤدي قيام دولة كردية في العراق إلى انتشار العدوى إلى شمال سوريا أولا ثم إلى تركيا حيث يقاتل الجيش تمردا كرديا انفصاليا.
ولم يخف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غضبه إزاء زعيم إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الذي مضى قدما في الاستفتاء رغم دعوات تركيا إلى إلغائه. وقال أردوغان الثلاثاء إن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" في إشارة إلى العمل العسكري، في حين بدأ الجيش التركي قبل أسبوع تمارين على الحدود مع العراق.
كما هدد الرئيس التركي بإغلاق الحدود البرية بين تركياوالعراق، وكذلك خط أنابيب النفط الذي يسمح لكردستان العراق بتصدير الغالبية العظمى من النفط عبر ميناء جيهان التركي. مضيفا "بمجرد إغلاقنا خط الأنابيب ستتبخر جميع عائداتهم" من دون تحديد موعد لتطبيق هذا الإجراء.
"فوضى سياسية"
وحذرت إيران الثلاثاء من أن الاستفتاء حول الاستقلال في إقليم كردستان العراق سيؤدي إلى "فوضى سياسية" في المنطقة فيما أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه سيرسل تجهيزات صواريخ إلى الحدود. وقال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي إن "نتيجة هذه الخطوة هي فوضى سياسية في المنطقة".
وتعبر إيران أيضا عن قلقها من العلاقات بين الأكراد وإسرائيل، الدولة الوحيدة في المنطقة التي ساندت جهود الأكراد نحو الاستقلال. وأعلنت حظر رحلات الطيران المباشر إلى كردستان ومنها الأحد بينما طلبت بغداد من الدول الأجنبية وقف تجارة النفط المباشرة مع الإقليم وطالبت الإقليم نفسه بتسليمها السيطرة على المطارات الدولية والمراكز الحدودية مع إيرانوتركياوسوريا.
خيبة أمل أمريكية
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها أصيبت بخيبة أمل شديدة جراء قرار الإقليم إجراء الاستفتاء لكنها أضافت أن "العلاقة التاريخية" التي تربط واشنطن بشعب إقليم كردستان العراق لن تتغير.
وسئلت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة سندرز الاثنين عن الاستفتاء فقالت: "نتمنى عراقا موحدا للقضاء على الدولة الإسلامية وبكل تأكيد عراقا موحدا لصد إيران".
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه لعدم استجابة الأكراد لدعوته لوقف الاستفتاء وقال إن الوحدة العراقية ضرورية في مواجهة تهديد تنظيم "الدولة الإسلامية".
مخاوف من نشوب صراع إقليمي جديد
وفي إيران نظم آلاف الأكراد مسيرات في الشوارع لإبداء تأييدهم لاستفتاء الاستقلال متحدين استعراضا للقوة من جانب السلطات الإيرانية التي حلقت طائراتها الحربية في سماء المناطق الكردية.
وغذى الاستفتاء مخاوف من نشوب صراع إقليمي جديد. ويذكر أن نحو 30 مليون كردي ينتشرون في دول المنطقة في شمال العراق وجنوب شرق تركيا وأجزاء من سورياوإيران.
وازدهرت كردستان وظلت هادئة بينما تعيش باقي مناطق العراق في حالة حرب أهلية منذ 14 عاما.
ويقول مسعود برزاني إن الهدف من الاستفتاء هو الحصول على تفويض للتفاوض مع بغداد والدول المجاورة على انفصال الإقليم سلميا.