ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    العدوان الصهيوني على غزة : استمرار الإبادة الوحشية خصوصا في الشمال "إهانة للإنسانية وللقوانين الدولية"    مجلس الأمة: رئيس لجنة الشؤون الخارجية يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يسدي أوامر وتوجيهات لأعضاء الحكومة الجديدة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    "رواد الأعمال الشباب، رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    الخبير محمد الشريف ضروي : لقاء الجزائر بداية عهد جديد ضمن مسار وحراك سكان الريف    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    صهاينة باريس يتكالبون على الجزائر    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    عرقاب يستقبل وفدا عن الشبكة البرلمانية للشباب    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    ينظم يومي 10 و11 ديسمبر.. ملتقى المدونات اللغوية الحاسوبية ورقمنة الموروث الثقافي للحفاظ على الهوية الوطنية    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية        الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    إنقاذ امرأة سقطت في البحر    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    مباراة التأكيد للبجاويين    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    دعوى قضائية ضد كمال داود    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في فكر الحكيم المناضل أحمد عروة رحمه الله
نشر في الخبر يوم 24 - 12 - 2017

اشتركتُ مؤخّرًا في ملتقى أحمد عروة الرابع الّذي نظّمته جمعية الثقافة والتراث التاريخي بأمدوكال بالتعاون مع جامعة الأمير عبد القادر، لأنّ الدكتور عروة صاحب فكر نيِّر ورؤية مستقبلية ثاقبة، ومن المفكّرين الّذين جمعوا بين التخصّص العلمي
(في الطب والصحة والبيئة) والعلم الشّرعي واللّمسات البيانية في الشّعر والأدب.
يعدّ الدكتور أحمد عروة رحمه الله من المناضلين الواعين بواقع الأمّة العربية والإسلامية المدركين لنوع المرض الّذي أصيبت به منذ زمن بعيد، عارفًا علاج هذا المرض ومتمكّنًا من تشخيصه تشخيصًا دقيقًا. كما أنّه من رجال العلم القلائل الّذين تعدّدت معارفهم؛ حيث جمع بين التُّراث الإسلامي وعلوم العصر المختلفة ليصنع تكاملاُ بين العلوم المختلفة، ويعطي نموذجًا لذلك.
يرى المرحوم عروة أنّ الإسلام في أصوله يجمع بين منهجين غير قابلين للانفصال في وحدة أساسية تجمع بين طرفي منهج العقل ومنهج الوحي، كما تنطق بذلك الآية الكريمة: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} فاطر:35، وقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} فُصِّلَت:53.
وإنّ خلاصة فكره في هذه القضية (قضية العلاقة بين العلم والدِّين): “أنّ العقل الإنساني ليس بإمكانه الوصول إلى الحقيقة إلاّ بنور الإيمان والعلم والأخلاق على مستوى سلوكه وضميره، لأنّه بالإيمان أو المعارف الدّينية يتجاوز واقع معارفه الكونية إلى اليقين بالغيبيات، وبالعلم يتجاوز القوانين الّتي تسير في نظامها الكائنات الجامدة والحية..”. ويقول رحمه الله: “إنّ العلم والدّين يمكن لهما الالتقاء والتّكامل من دون أن يَكذِب أحدهما على الآخر، بل إنّهما مصادر قوّة لبعضهما حيث يقوم الإيمان بتغذية العلم بأبعاده العقائدية والأخلاقية حتّى يربط القوانين بمعناها الأوّل وغايتها الوجودية في حين يقوم العلم بإعطاء الإيمان مادته المحسوسة وبرهانه العقلي..
ومن القضايا الّتي نالت حيّزًا من اهتمامات أحمد عروة مسألة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم... حيث يقول: “إنّ القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الّذي يتخطّى طريق الإعجاز بالمعجزات المادية ليسلك طريق الإعجاز بالمعقولات”.
الفكر السياسي
أبان الدكتور أحمد عروة بأنّ الأمّة الإسلامية تفرّقت بها السُّبل في كيانها وضميرها ونظمها ففقدت السّبيل وتاهَت بين أطلال الحضارة الإسلامية وسراب الحضارة الغربية.
ويؤكّد على أنّ علاج هذه المحنة والأزمة الّتي يعيشها الفكر السياسي والخروج منها لن يتحقّق إلاّ في إطار المقاييس الّتي سنّها الله تعالى لعباده وهي: الإيمان به والاعتصام بكتابه وسُنّة رسول صلّى الله عليه وسلّم.
ويقدّم الحلول للخروج من هذا المأزق؛ بقوله: “ويمكن تلمّس الآفاق المنهجية لتصحيح الفكر السياسي وإعادته إلى أصوله الإسلامية، وذلك على مستوين: إصلاح الفكر السياسي على مستوى العوامل والتّحديات الذّاتية، فعلى مستوى الأصول العقيدية فالحلّ يتمّ بإصلاح العامل العقيدي بالرّجوع إلى الكتاب والسُّنّة وتفتّح الفكر الدّيني، وبالتّالي الجمع بين العلوم الدّينية والعلوم الطّبيعية. وعلى المستوى المكوّنات الحضارية لابدّ من الرّجوع إلى المكوّن العقيدي الّذي بدوره يهيمن على باقي المكونات الحضارية والعلمية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
إحياء الإسلام
يرى أحمد عروة أنّه لتحقيق النهضة لابدّ من إحياء الإسلام الّذي أصبح مطلب جميع المسلمين وصار مطلب المستقبل كذلك، والمطلوب أن نحقّق انطلاقة جديدة حقيقية أخلاقية وروحية زاخرة، وذلك باستغلال التّراث الإسلامي الثريّ والتجربة الإنسانية الحالية، كلّ ذلك يكون في وثبة إلى الأمام تجمع بين ازدهار فكر ديني وتقدّم تقني من أجل سعادة ورفاهية إنسانية، يهيّئ لإنسان عصر الفضاء معنى سامٍ لحياته.
ووضع أحمد عروة شروط القيام بالنّهضة الإسلامية، وهي: بعث التّاريخ أو إعادة اكتشافه وقراءته ودراسته بواقعية وبحسّ نقديّ وتجديد الذّات بدلاً من الارتماء في أحضان الغرب، كما هو حاصل اليوم مع الأسف، ولابدّ أن نُجدِّد دون أن نحطم، وذلك بالمحافظة على الأصول والعمل على تطوير الفكر الإسلامي وجعله يواكب التطوّر الرّهيب الّذي عرفته البشرية، مع توفير الظروف الملائمة والمناسبة لتترعرع في كنفها الأفكار ولا تصطدم مع الواقع القومي ولا تتعارض معه، ومجاوزة المذاهب القائمة بتعزيز مركز الإسلام على الصّعيد الدولي باعتباره حكمًا وعامل سلام عالمي، وذلك بإثراء الفكر الإسلامي لفرضه كبديل وجعله يتبوأ مكانته اللائقة به.
ويرى أحمد عروة رحمه الله أنّ الوصول إلى تحقيق الأهداف والغايات مضمون إذا كانت المنهجية مضبوطة، وإذا اعتمد الإنسان الّذي ينشد التّغيير على العقل وإنتاج الأفكار الخلاَّقة، وإذا توفّرت الإرادة والنّوايا الحسنة كذلك، والأهم من ذلك إذا أقبل الإنسان على نقد ذاته ثمّ الشّروع في تغيير نفسه، لأنّ مشكلة العالم المتخلّف كما يقول مالك بن نبي: “ليست في الثّروات المادية بل تكمُن في عدم إنتاجه للأفكار”.
كما دعا إلى توظيف الخبرة العلمية التّجريبية الطبية الحديثة وإدراجها تحت الاجتهاد الشّرعي لأجل ضبط أيّ اجتهاد علمي مستحدث وإدراجه تحت قواعد الاجتهاد والأصول الشّرعية من قرآن وسُنّة.
* كلية الدراسات الإسلامية/ قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.