يقيم حاليا 50 ألف فرنسي في الجزائر، في مقابل إحصاء باريس ل600 ألف جزائري، يتمتعون برخصة الإقامة على الأراضي الفرنسية. وقد ارتفع هذا الرقم في ظرف سبع سنوات، بزيادة تفوق 134 ألف رخصة إقامة. وعبّرت فرنسا عن هذه الأرقام بأنّها تتجاوز التاريخ مع الجزائر إلى "تدفق بشري هام" بين البلدين. ورد في مقدّمة تقرير للبرلمان الفرنسي، يتناول عدد الجزائريين والفرنسيين المقيمين في كلا البلدين، بأنّ "رابطا مُهّما جدّا ميزته العاطفة يوحد فرنساوالجزائر، فهذا البلد الكبير الصديق والشريك، يأخذ بعدا سياسيا ورمزيا، وأي تصريح عام في فرنسا إلاّ ويصل إلى الجزائر العاصمة وعنابة ووهران وفي كل منطقة في الجزائر".
400 ألف تأشيرة للجزائريين سنويا
وذكر التقرير بأنّ "الأهمية الحاسمة لهذا الشريك (الجزائر) ليست مرتبطة حصريا بالتاريخ. فالتدّفق البشري الهام للأشخاص لا يُمكن مقارنته بين الضفتين، حيث يوجد 600 ألف جزائري يتمتعون ب"رخصة الإقامة" (مدتها سنة قابلة للتجديد) في فرنسا، و50 ألف من مواطنينا (فرنسيون) مقيمون في الجزائر حاليا، و400 ألف تأشيرة تمنح للجزائريين سنويا". وأوضح التقرير بأنّ "هذا الارتباط بين الجزائروفرنسا، من الضروري ليس فقط الحفاظ عليه وتطويره، ولكن أيضا لإدارته قصد التحكم فيه، لأنّه يلزم فرنسا على المدى المتوسط والطويل والبعيد. وهنالك مسائل هامة في مجالات الثقافة والموارد البشرية والاجتماعية، وكُلّها تتطلب عملا تنظيميا، فقد صادقت فرنسا في الصيف الماضي على اتفاقيتين مع الجزائر، في مجال التكوين المهني والتعاون في المسائل الجنائية".
وحسب الإحصاءات الواردة في التقرير "يوجد مليونان و500 ألف فرنسي ولدوا في الجزائر، أو لهم أب أو جد مولودان في الجزائر أيضا، وهذا ما معناه بأنّه من الفرنسيين من تمرض، على سبيل المثال، أمه أو جدته ممن يعشن في الجزائر، أن تتنقل إلى فرنسا لطلب العلاج في المؤسسات الاستشفائية الفرنسية، وبالتّالي العلاقات بين البلدين تلزم الفرنسيين بالنظر بصفة خاصة إلى هذه المسألة (العلاج في فرنسا)". وأبزر التقرير أيضا أن "740 ألف شخص مقيم في فرنسا ولدوا بالجزائر، وهؤلاء يتمتعون ببطاقة الإقامة (مُدّتها 10 سنوات)". وتوقفت هذه الإحصائيات الفرنسية الحديثة عند تاريخ 31 أوت 2017، على اعتبار أن السلطات الفرنسية تجري تحقيقات حول الرعايا الأجانب المقيمين فوق أراضيها، كل 6 إلى 8 سنوات، حسب طبيعة الفترة الزمنية، حيث توقفت الإحصائيات الأخيرة عند سنة 2011.
وحسب الأرقام الفرنسية الرسمية التي تخص أعداد الجزائريين المقيمين في فرنسا، انطلاقا من سنة 1946 إلى غاية 2011، فتظهر فوارق شاسعة بين السنوات صعودا بنسب تصل إلى 89 بالمائة، فمع اندلاع الثورة التحريرية سنة 1954، سجل منح 211675 جزائري بطاقة إقامة، ليرتفع الرقم إلى 350484 جزائري غداة الاستقلال عام 1962. ويقع اسم الجزائر ضمن 11 بلدا أساسيا، ممن تحصل الجزائريون في فرنسا على شهادة الإقامة الفرنسية. ففي سنة 1946 بلغ عدد الجزائريين 22114، وبعد 8 سنوات وبالضبط سنة 1954، تاريخ اندلاع الثورة التحريرية، ارتفع العدد بشكل كبير بنسبة تفوق 89 بالمائة، أي 211675 جزائري. علما أنّه في هذه الفترة كان كل الجزائريين فرنسيين مكتوب على بطاقاتهم التعريفية "فرنسي مسلم". وواصل عدد الجزائريين الحائزين على بطاقة الإقامة في فرنسا في الارتفاع، فمن تاريخ إعلان الثورة إلى غداة الاستقلال سنة 1962، عرف العدد ارتفاعا، فوصل إلى 350484 جزائري، ثم اقترب العدد إلى حوالي نصف مليون جزائري مع حلول سنة 1968، ب473812 جزائري.
ارتفاع مع وصول بوتفليقة إلى الحكم
وتُبيّن المنحنيات البيانية لهذه الإحصائيات، الجزائر التي أعطي لها اللون الأخضر لتفريقها عن بقية الدول الأخرى، أنّ ذروة حصول الجزائريين على الإقامة الفرنسية ما بين 1975 إلى 1982، فمع بداية السنة الأولى وصل العدد إلى 710690 جزائري بارتفاع فاق 236 ألف مقيم جزائري، بينما أكبر عدد سجل في السنوات مابين 1946 إلى 2011، في السنة الثانية وهي 1982 ب805116 جزائري تحصلوا على الإقامة. وتقهقر عدد الجزائريين المتحصلين على شهادة الإقامة نزولا مع بداية التسعينات، بانخفاض وصل إلى حدود 200 ألف جزائري. وفي سنة 1990 كان عدد الجزائريين 614207. ويلاحظ أن سنوات التسعينيات توقفت فيها الإحصائيات، لتعاود بالظهور مع سنة 1999 (سنة وصول عبد العزيز بوتفليقة إلى سدّة الحكم)، لكن مع انحدار كبير ب475216 جزائري. وحافظت الأرقام على نزولها إلى غاية سنة 2008، حيث كشفت عن 470800 جزائري متحصل على الإقامة، وبعدها بأربع سنوات أي عام 2011، تاريخ توقف الإحصائيات، انخفض العدد أيضا إلى 465849 جزائري.
والملاحظ في الفترة التي انخفض فيها منح بطاقة الإقامة فوق الأراضي الفرنسية، مع بداية التسعينات، وبالتحديد مع حكومة "إيدوارد بالادير" سنة 1993، مع ما يعرف بقانون "باسكوا دوبري" الخاص بالهجرة، وشدّد القانون ذاته في حكومة "ألان جوبي 2" سنة 1997. وتستعرض خريطة عن أكبر الجاليات الأجنبية في مختلف الدول الأوروبية، تظهر فيها الجزائر "المستحوذ" على المرتبة الأولى في فرنسا، من حيث عدد الجالية فيها، إذ بلغ عدد المهاجرين الجزائريين أكثر من 6 ملايين شخص، مقابل 3 ملايين مغربي.