إذا جئنا نتحدث عن الطّاقة البشرية (في عوامل النّصر الحقيقية) عندنا وعندهم من حيث النّوع والكيف فلا قياس ولا نسبة بين إنساننا وإنسانهم، لا في الشّجاعة ولا في الثّبات ولا في التّضحية ولا في الاستهانة بالموت. ولقد حسم القرآن قضية جبن اليهود وحرصهم على الحياة ونذالتهم، لكنّ التّظليل العالمي الآن يريد أن يشكّكنا في بديهيات الواقع الموجود الّتي هي عقيدة دينية عندنا، وحقيقة موضوعية لمسناها وأجدادنا من قبلنا لمس اليد، فصارت عندنا فوق المسلَمات البديهية الضّرورية، يقول القرآن الكريم عن هذه الحقيقة اليهودية: {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} البقرة:243. ولاحظ أنّ الخروج من ديارهم وهذا مستهجن، ثمّ إنّهم ألوف كثيرة ثمّ إنّ دافع الخروج هو خوف الموت، {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} البقرة:96. ولاحظ كلمة ”حياة” الّتي جاءت منكرة لتفيد أيّ حياة مهما كانت. {أَلَمْ تَرَ إلى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}…إلخ الآيات 246-251 من سورة البقرة. {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} البقرة:94-95. {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} الحشر:13-14.