الأزواج والأولاد قد يكونون مَشغلة ومَلهاة عن ذِكر الله كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُون} المنافقون:9. وقد يكونون أيضًا دافعًا للتّقصير في تبعات الإيمان اتّقاء للمتاعب الّتي تحيط بهم لو قام المؤمن بواجبه فلقي ما يلقاه المجاهد في سبيل الله، والمجاهد في سبيل الله يتعرّض لخسارة الكثير وتضحية الكثير كما يتعرّض هو وأهله للعنت، وقد يحتمل العنت في نفسه ولا يحتمله في زوجه وولده. فيبخل ويجبن ليوفّر لهم الأمن والقرار أو المتاع والمال، فيكونون بذلك عدوا له لأنّهم صدّوه عن الخير وعوّقوه عن تحقيق غاية وجوده الإنساني العليا. كما أنّهم قد يقفون له في الطّريق يمنعونه من النّهوض بواجبه اتّقاء لما يصيبهم من جرّائه أو لأنّهم قد يكونون في طريق غير طريقه ويعجز هو عن المفاصلة بينه وبينهم والتجرّد لله، وهي كذلك صور من العداوة متفاوتة الدّرجات، وهذه وتلك ممّا يقع في حياة المؤمن في كلّ آن.. وانظر إلى الرّسول الكريم بعظمته وحلمه وحرصه على سعادة أمّته كيف يؤدّبنا بإشراقاته فيقول عن ابنته الزّكية البتول رضي الله عنها: “لو سرقت فاطمة لقطع محمّد يدها”.. فلم تأخذه في الله عاطفة، وذلك ليردّ على أحد صحابته الكرام الّذي أتى إليه ليستشفع في امرأة ذات حسب أصابت سرقة.. فالمربّي عادل وحكيم يعطي للعاطفة حقّها وللواجب حقّه، فيلقّن الطّفل جمال المحبّة والخُلُق الكريم وجلال التّضحية ومخالفة الهوى والشّيطان. فأمثال هؤلاء المربّين كالياقوتة الملقاة في الفضاء، فقَلّ مَن يهتدي إليها وأقلّ مَن يعرف قدرها.