بينما التهب محيط سفارة الجزائر بباماكو بسبب احتجاج عشرات الماليين رحّلتهم السلطات الجزائرية، أفادت “هيومن رايتس ووتش” بأن الجزائر رحّلت أكثر من 100 مهاجر من جنسيات إفريقية مختلفة إلى منطقة لا تخضع للقانون في مالي، وأن بعضهم تعرض للسرقة من طرف الجماعات المسلحة. عاد الهدوء، أمس، إلى الحي حيث يوجد مقر السفارة بباماكو، بعد يوم عاصف عاشه الثلاثاء بسبب مواجهات بين الشرطة وماليين جاؤوا للاحتجاج على “الإهانة” التي تعرضوا لها، حسبهم، على يدي الحكومة الجزائرية أثناء عملية ترحيلهم إلى بلدهم، وانضم إليهم مرحلون من ليبيا، حيث أشعل المتظاهرون النار في عجلات مطاطية. ونقلت صحف محلية عن شهود أن السفارة الجزائرية تعرضت للتخريب. ورشق الغاضبون مقر البعثة الدبلوماسية بالحجارة والزجاجات الحارقة، واعتدوا لفظيا على أعضاء البعثة الذين تمكنوا من مغادرة المبنى بفضل قوات الأمن. وقالت المنظمة الحقوقية “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير نشرته أمس بموقعها الإلكتروني، إن السلطات الجزائرية “تقاعست عن فحص المهاجرين على نحو كاف، بمن فيهم أولئك الذين قد يكون لديهم دعاوى لجوء، لتحديد وضعهم وإعطائهم الفرصة للطعن في ترحيلهم وجمع مدخراتهم وممتلكاتهم”. ونقلت عن “منظمة غير حكومية مقرها في غاو بمالي” أنها قدمت خدمات لأكثر من 125 من المهاجرين الذين وصلوا مؤخراً في 6 و7 مارس الجاري. وأفادت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، بأنه “على الجزائر أن تعامل جميع المهاجرين باحترام، ومنحهم فرصة للطعن في ترحيلهم وعدم تعريضهم لخطر المعاناة من المعاملة اللاإنسانية”. ونقلت عن 5 مهاجرين وصلوا إلى مالي أن الشرطة في مدينة غرداية جمعتهم في 1 مارس من أماكن مختلفة، بما فيها من الشارع وموقع للبناء وورشة لحام، وقالوا إن السلطات “لم تبلغهم بحقهم في الاتصال بممثليهم القنصليين أو السماح لهم بجمع أجورهم ومدخراتهم وممتلكاتهم الأخرى”. وأضاف التقرير: “رافقتهم الشرطة في حافلات إلى برج باجي مختار، آخر بلدة قبل الحدود مع مالي، وسلمتهم إلى رجال الدرك الذين نقلوهم بالشاحنات إلى الحدود وأرسلوهم عبر الحدود تحت تهديد السلاح”. وقال المرحلون الخمسة إنهم ساروا في الصحراء 6 ساعات للوصول إلى مدينة إنخليل، أول مدينة في مالي، ثم استقلوا شاحنات خاصة متجهة إلى مدينة غاو. وذكر بعضهم أنهم صادفوا إرهابيين في طريقهم، وقد تعرضوا للضرب على أيديهم عندما لم يجدوا عندهم مالا وأغراضا ثمينة. وأضافت المنظمة الحقوقية أن الجزائر رحلت منذ ديسمبر 2016 آلاف المهاجرين من بلدان جنوب الصحراء الكبرى، معظمهم من النيجر. وفي فيفري الماضي، صرح وزير الداخلية النيجري، محمد بازوم، بأن “بلده ليس أرض استقبال للمهاجرين من غرب إفريقيا بأسرها”. وتابعت المنظمة: “للحكومة الجزائرية سلطة مشروعة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، لكن يجب أن تمتثل للقانون الدولي، بصفتها طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. ويُحظر على الجزائر الطرد الجماعي للعمال المهاجرين وعائلاتهم، ويُطلب منها فحص كل منهم واتخاذ قرار بشأنه بشكل فردي. وتنطبق الاتفاقية على جميع العمال المهاجرين وأسرهم، بغض النظر عن وضعهم القانوني أو العمل”. وحسب المنظمة، تلزم الاتفاقية المذكورة حكومة البلد بإبلاغ العمال المهاجرين وعائلاتهم قبل طردهم بحقهم في الاتصال بالسلطات القنصلية وحقهم في الطعن في طردهم لدى السلطات المختصة وتعليق الإبعاد إلى أن يتم البت في هذا الطعن. علاوة على ذلك، فإن أي شخص يخشى الاضطهاد أو أي ضرر خطير في بلده الأصلي له الحق في طلب اللجوء.