هل دشن أحمد أويحيى، أمس، من خلال ندوته الصحفية المشتركة مع رئيس الحكومة الإسباني ماريانو راخوي عودته إلى الواجهة السياسية، بعد فترة صمت لازمته في الأسابيع الماضية وخلفتوراءها الكثير من الجدل إلى درجة ورود إشاعات عن مغادرته الحكومة في سياق تعديل حكومي واسع؟ فضل أحمد أويحيى تنشيط ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الإسباني وعدم الاكتفاء، مثلما جرت العادة في مثل هذه المناسبات، بنشر بيان مشترك يلخص فيه محور المحادثات بين الجزائر وإسبانيا، وهو ما يعد مؤشرا على أن الوزير الأول يريد العودة إلى الواجهة بعد فترة صمت لازمته عدة أسابيع وأثارت تساؤلات كثيرة وسط النواب ولدى أحزاب المعارضة التي سعت لمعرفة سبب غياب أويحيى عن المشهد السياسي والاجتماعي، خصوصا في ظل الحراك الذي عرفته الجبهة الاجتماعية وسعى رفقاء أويحيى في الأرندي إلى تمرير مقولة تعرض أويحيى إلى وعكة صحية استدعت خلوده للراحة لإسكات الإشاعات التي تنبأت برحيله أو التي ذهبت إلى تلقيه “إيعازا” بالصوم عن الكلام! وحتى وإن كانت عودة أويحيى للواجهة من خلال نشاط رسمي ليس الأول من نوعه، حيث سبق أن ظهر في عدة محطات أخرى على غرار تنقله إلى قمة الاتحاد الإفريقي في كيغالي، غير أن تنشيطه ندوة صحفية مع ماريانو راخوي أريد بها تبديد كل ما تردد من قبل من إشاعات، وأيضا للتعبير عن الثقة التي مازال يتمتع بها لدى الرئيس، بعدما انتشرت أنباء عن مغادرته الوزارة الأولى. وتعد إسبانيا شريكا هاما بالنسبة للجزائر وترتبط معها بعلاقات في عدة قطاعات حيوية سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها، وهو ما يجعل لتدشين أويحيى عودته من خلال هذه البوابة أكثر من دلالة ورسالة، خصوصا باتجاه خصومه السياسيين الذين شنوا حملة ضده بحجة تراجع أسهمه لدى الباب العالي. ولم تكن الانتقادات التي وجهت إلى الوزارة الأولى، خصوصا في البرلمان، مقتصرة على الإسلاميين الذين انتقدوا غياب أويحيى وشنوا حملة على وزرائه ومنهم وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، بل أيضا من حلفائه في الأفالان الذين تردد أنهم وراء ترويج الإشاعات بشأن التغيير الحكومي ورحيل أويحيى وتعويضه بالطيب لوح، وهو ما يخفي الهواجس الموجودة لدى قيادة الحزب العتيد الرامية إلى استرجاع الوزارة الأولى لفائدة الأفالان، خصوصا مع بداية العد التنازلي للانتخابات الرئاسية، من باب أن أويحيى لديه طموح في الرئاسة في حال عدم ترشح بوتفليقة لعهدة أخرى. وضمن هذا السياق، يطرح البعض كيف أن قيادة الأفالان سارعت إلى إعداد ما تسميه “حصيلة إنجازات الرئيس”، وهو الأمر الذي كان من المفروض أن تعده حكومة الرئيس وليس حزبا سياسيا، وفي ذلك مسعى لإضعاف الوزير الأول والتشكيك في ولائه لرئيس الجمهورية، حتى تسهل مهمة تنحيته.