تحوّل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من عامل ”جمع” إلى عامل ”تفريق” بين أحزاب الموالاة التي تشكّل الأغلبية البرلمانية والرئاسية، ورغم أن قادة هذه الأحزاب والوزراء المنتمون إليها يدافعون عن ”برنامج الرئيس”، كما يقولون، إلا أنّ شدّة التعصب ضد بعضهم البعض بسبب ”الولاء” لبوتفليقة زادت حدتها في الآونة الأخيرة، وصار انتقاد بعضهم البعض على الملأ وفي وسائل الإعلام. لم تعد تخف أحزاب الموالاة ”اختلافها” حول الرئيس بوتفليقة، وبدأ قادتها من التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني والحركة الشعبية الجزائرية وتجمع أمل الجزائر، يردون على بعضهم البعض، بل يُناقضون تصريحات بعضهم البعض، ولا يتفقون خصوصا في مسألة احتمال ترشح الرئيس لعهدة خامسة، وأضحت هذه ”الممارسات”، حسب متابعين، لا تخدم الرئيس بحكم أنّهم متحالفون في تطبيق برنامجه على أرض الميدان والدفاع عنه. الموالاة المشكلة ظاهريا، في أربعة أحزاب لها برنامج واحد ووحيد الخاص بالرئيس بوتفليقة، غير أنّ الظاهر للرأي العام، أن القادة الأربعة لهذه التشكيلات السياسية، ليسوا متفقين في كيفية التطبيق، لكنّهم في المقابل يتشاركون في مبدأ ”المآزرة” المبنية على أساس واحد ”من يزايد على الآخر”، وهذه المزايدة تفرض على الموالين للرئيس تقديم الأدلة التي تثبت ولائهم له. أول أمس، كان قادة الأحزاب الأربعة ينشّطون لقاءات حزبية في مختلف ولايات الوطن، وحضر في خطابهم الرئيس بوتفليقة. فعمارة بن يونس، أمين عام الحركة الشعبية الجزائرية، فتح النار من العاصمة على ولد عباس ل”احتكاره الرئيس واستغلاله لتقوية موقعه داخل الأفالان”، أما ولد عباس فدعا في وهران الرئيس للترشح ل”الخامسة”، وقال بأن اللعب في 2019 سيكون مغلقا. وعلى النقيض، سار الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي، صديق شهاب، في اتجه آخر، وصرح بأن الرئيس بوتفليقة لا يتشبّث بالسلطة، فيما رئيس تجمع أمل الجزائر فأشار من قالمة بأنّ ”تاج” ثابت دائما على وفائه للرئيس بوتفليقة ودعمه لبرنامجه دائم مستمر ونعمل على إنجاحه في الميدان، أما موضوع الرئاسيات سوف يتناوله المؤتمر القادم للحزب كورقة هامة من ضمن أوراقه”. التعبير عن الولاء الذي فجّر قادة الموالاة، انتهجوه عبر ممارسة سياسية عنوانها ”التكرار اليومي”، أي يكون بوتفليقة حاضرا في كل خطاباتهم و”البطل” فيهم من يصل صوته إليه بسرعة، من دون البحث عن إقناعه أو لا، فالهدف لديهم أن يكون الرئيس حاضرا إعلاميا وبقوّة ولكل طريقته الخاصة، وإن كانت بالمزايدة ورد الفعل. لكن التخبط الذي تعيشه الموالاة فيما بينها بسبب الرئيس بوتفليقة، مرده غياب التنسيق، أيّ لا يحرّك فيهم لا عن بعد ولا عن قرب، ولا يوجههم ب”خارطة طريق” تخدم الرئيس، فبوتفليقة لم يكن يوما بحاجة لأحزاب الموالاة، فكل عهداته ترشح فيها حرا وإن كان انتمائه أفالانيا، ثم أنه لم يطلب مساعدة من الموالاة، وإن كان أيضا تمرير مشاريع قوانين ”حسّاسة” على البرلمان، على غرار قانون المالية ومشروع النقد والقرض كان تلقائيا من الموالاة، فاجتمعوا لدى الوزير الأول الحالي أحمد أويحيى، واتفقوا على تمريره بتصويت الأغلبية البرلمانية. وما عدا هذا الاجتماع الذي كان في شهر سبتمبر 2017، لم تلتق أحزاب الموالاة، بل زادت تباعدا وتنافرا وتنابزا في وسائل الإعلام، فحزب جبهة التحرير الوطني شغله الشاغل إضعاف التجمع الوطني الديمقراطي، وهذا الأخير يريد أن يتقوى سياسيا، فيما الحركة الشعبية الجزائرية وتجمع أمل الجزائر، حزبان يبحثان عن الوجود الإعلامي أكثر من شيء آخر. كما قد يكون في الأخير هذا التنافر بين الموالاة له سبب حول تأكدهم من امتناع الرئيس عن الترشح لعهدة خامسة، ويبقى هذا الاحتمال للأيام والرئيس لنفيه أو تأكيده.