فرقت تشريعيات 2017 مواقف أحزاب المعارضة، بين مشارك فيها ومقاطع لها ومتردد بين الإثنين، فكيف سيكون الحال في رئاسيات 18 أفريل، خصوصا في ظل ترشح البعض ومقاطعة البعض وبحث آخرين عن "توافق" عن مرشح مشترك لمنافسة مرشح السلطة. لم ترس أحزاب المعارضة على رأي، مع اقتراب الآجال القانونية للاقتراع الرئاسي المبرمج يوم 18 أفريل. ورغم حسم رئيس الجمهورية في خيار ترشحه لعهدة أخرى، بفقد بقيت نفس المسافات التي كانت قائمة في تشريعيات 2017، بين مشارك، ومقاطع ومحايد. فحركة حمس دخلت المعترك بفارسها عبد الرزاق مقري، بينما لا يزال التردد يحكم مواقف حزب طلائع الحريات الذي يترأسه علي بن فليس، فيما تجري جبهة العدالة والتنمية في ربع الساعة الأخير اتصالات حول ما تسميه "مرشح توافقي" للمعارضة، أو اعتماد المقاطعة في حال عدم الاتفاق عليه. في المقابل حسم الأفافاس والأرسيدي قرارهما بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، في حين كان حزب جيل جديد قد وجه دعوة لمرشحي المعارضة للانسحاب من السباق إذا ترشح له الرئيس بوتفليقة. وإذا كانت حركة حمس بمعية المرشح علي غديري، قد قررا مواصلة السباق، رغم إعلان الرئيس بوتفليقة ترشحه، دون أن يغلقا الباب على مبادرة جاب الله، فإن اللجنة المركزية لحزب بن فليس لم تفصل بعد في قرار ترشح رئيسها من انسحابه من السباق، ما يؤشر أن لكل حزب حساباته الخاصة في التعاطي مع موعد 18 أفريل، ويبني معطياته تحسبا لما بعد هذا التاريخ وليس لما قبله، اقتناعا بأن مرشح السلطة سيكون هو الفائز. هذا الوضع يجعل حظوظ نجاح مبادرة "المرشح التوافقي" التي طرحها جاب الله ضئيلة، ليس فقط لكونها طرحت في ربع الساعة الأخير، حيث يصعب حتى برمجة لقاءات جدية حولها، ولكن لاتساع الهوة في المواقف داخل جبهة المعارضة وتفرقها بنفس سيناريو تشريعيات 2017. فعبد الرزاق مقري المقتنع بأن حركته أكبر قوة سياسية في المعارضة ليس بوسعه الموافقة على مبادرة جاب الله (المرشح التوافقي) للمعارضة، إلا إذا كان هو فارسها، خصوصا أن حمس لم تجرب حظها منذ 24 سنة، أي منذ آخر ترشح للمرحوم محفوظ نحناح في عام 95، وبالتالي يريد مقري إثقال موازينه تحسبا لمرحلة ما بعد 18 أفريل. وبدوره اللواء المتقاعد علي غديري الذي خرج عن طوع المؤسسة العسكرية، واشتكى من التضييق الممارس حتى على محيطه العائلي، يريد الذهاب إلى سدرة المنتهى والتأسيس لحركته السياسية مستقبلا، على ضوء النتائج المحققة، لتفادي تبعاتها، ويبقى اللغز عند رئيس طلائع الحريات علي بن فليس صاحب الكتاب الأبيض حول الانتخابات الماضية، الذي وإن لم يحسم قرار مشاركته من عدمها، إلا أنه يرى نفسه مؤهلا أكثر من غيره في المعارضة ليكون "المرشح التوافقي" وفق صيغة جاب الله، لمساره السياسي والمهني. هذه القطبية التي رسمها المشاركون والمقاطعون والمحايدون، تصعب إيجاد "تنازلات" وسط المعارضة، بالرغم مما حققته في ندوة "مزفران" حول أرضية الانتقال الديمقراطي، خصوصا وأن توقيت عقارب ساعة أغلبية قادتها منصب على التفكير في المغانم فرديا، من وراء موعد 18 أفريل، أكثر من رسم قاعدة انطلاق في المستقبل.