صدقوا أولا تصدقوا.. حداد يُلقى عليه القبض لأنه زوّر جواز سفر! وزارة الداخلية تزور الانتخابات ولا تُسأل عما تفعل! والحكومة تزوّر برلمانا كاملا ويعلن ذلك رئيس الحكومة نفسه ولا يحدث شيء، وحداد يزور جواز سفر ورخصة سياقة فيسجن! لا أحد تساءل لماذا تُصدر العدالة مذكرات المنع من مغادرة التراب الوطني ضد رجال المال والأعمال بتهمة تبديد المال العام، ولا تصدر العدالة أوامر متابعة إلى من مكّنهم من المال العام؟ هؤلاء لم يكونوا مسؤولين عن المال العام، بل المسئولون عن المال العام هم المذنبون وليس رجال المال والأعمال. لو كانت الأمور جدية في ملاحقة السراق والمفسدين لقامت العدالة وأجهزة الأمن باستدعاء رؤساء المشاريع التي أخذها هؤلاء وقاموا بفحص تقدم الأشغال فيها مقارنة مع الأموال التي صُرفت عليها، وعندها سنعرف من الذي يستحق العقاب قبل غيره. حداد تم توقيفه بسبب جواز سفر مزور ورضا كونيناف تم توقيفه لأنه حاول الهرب على الحدود الغربية. ترى من هرَّب طحكوت وأبناءه وإخوته؟ ولماذا غادر البلاد؟ ومن مكّنه من ذلك؟ وما هي التهم الموجهة إليه وهرب بسببها إلى الخارج؟ الواقع يقول إن هناك مفسدين آخرين ما يزالون يتمتعون بالحرية ولم تطلهم يد العدالة لأنهم يتمتعون بالحصانة، سواء الحصانة البرلمانية أو الحصانة الوزارية، فالنواب الذين يمارسون الفساد منذ عقود اشتروا حصانتهم في مجلس الأمة وفي البرلمان بمئات الملايير، وما يزالون يتمتعون بالحصانة المشتراة بالمال الفاسد.. ومع الأسف سقط الدستور وسقط الرئيس وسقطت الحكومة وسقط البرلمان، لكن الحصانة الحامية للفساد ما تزال قائمة والسُّرّاق يحتمون بها. بعض الوزراء الذين عيّنهم المال الفاسد في مناصبهم، وقاموا تبعا لذلك بمنكرات في حق المال العام، لا تطالهم العدالة، لأن ازدواجية القضاء توفر الحماية لهؤلاء حتى ولو غادروا مناصبهم سواء أكانوا ولاة أو وزراء، والرئاسة التي هي المخولة قانونيا لرفع الحصانة عن المعنيين بمرسوم لم تعد موجودة بالاستقالة، وبهذا كان على وكلاء الجمهورية أن يتجاوزوا هذا الحاجز القانوني في متابعة هؤلاء، وعلى وكلاء الجمهورية أن يتجاوزوا أيضا مسألة الحصانة البرلمانية لمتابعة هؤلاء الذين استخدموا المال الفاسد لشراء الحصانة وممارسة الفساد بها! من المؤسف حقا أن يتحدث الناس عن تنفيذ مرحلة انتقالية بأناس اشتروا الحصانة في مجلس الأمة واشتروها في النيابة بالمجلس الشعبي الوطني، وبها يقررون من سيكون رئيسا للجزائر سواء بمرحلة انتقالية أو بالتزوير في الانتخابات القادمة. هل فهمتم الآن لماذا يجب أن يتم أي عمل جاد لتجديد النظام خارج كل هذه المؤسسات الفاسدة المتعفنة؟ الشعب على حق حين يصرخ في الشوارع ”تروحو ڤاع” لأن أي عمل نظيف وجدي لا يمكن أن يتم بهذه المؤسسات القائمة الآن. [email protected]