سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، خير أهل الأرض نسبًا على الإطلاق. فلنسبه من الشّرف أعلى ذروة وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوّه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم. فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته، وأشرف الأفخاذ فخذه. فقد اختاره سبحانه وتعالى من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب، فما تسلَّل شيء من أدران الجاهلية إلى شيء من نسبه. وقد أشار صلوات الله وسلامه عليه إلى ذلك بقوله: “إنّ الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريش، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار من خيار”. ومن مآثر العرب اهتمامهم بحفظ الأنساب، فقد كانوا يتفاخرون بأمجاد الأجداد، فهو سيّدنا محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، إلى هاهنا متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة. وما فوق عدنان مختلف فيه، ولا خلاف بينهم أنّ عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السّلام، وإسماعيل هو الذّبيح على القول الصّواب عند علماء الصّحابة والتّابعين خلافًا لليهود والنّصارى الّذين يزعمون أنّ الذبيح هو إسحاق، فهذا القول باطل بالإجماع، فاليهود حسدوا بني إسماعيل على هذا الشّرف وأحبّوا أن يكون لهم وأن يسوّقوه إليهم ويحتازوه لأنفسهم دون العرب، ويأبى الله إلّا أن يجعل فضله لأهله.