شكلت نتائج الانتخابات الرئاسية ل 12/12 قطيعة مع ممارسات السلطة، حيث إنها المرة الأولى منذ 1999 التي تغيب لمسة حزبي السلطة الرئيسيين وخصوصا حزب جبهة التحرير الوطني في هذه الانتخابات. فيما تطرح أسئلة حول تكلفة القرار المتخذ من الحزب العتيد بدعم عزالدين ميهوبي على حساب الرئيس الفائز عبد المجيد تبون، ومستقبل الحزب في الخريطة السياسية للعهد الجديد، وسط مخاوف من انتقام الرئيس الجديد، بحكم ماضيه، حيث لم يتسامح مع كل من اعترضوا طريقه في وزارة السكن أو في قطاعات حكومية مثل وزارة المالية. وسارعت قيادة الأفالان لتهنئة تبون عضو اللجنة المركزية بمناسبة فوزه بهذه الانتخابات، وهي تترقب ما يقرره بشأنها، وعينها أيضا على ما ستنتجه مخابر من خارطة طريق يحدد فيها دور ومصير حزب جبهة التحرير والحزب المستنسخ عنه التجمع الوطني الديمقراطي. وتواجه السلطة "الجديدة" خيارات متعددة بخصوص الأفالان، غير أن الخيار الأقل ترجيحا هو الاستجابة للحراك الشعبي ومنظمة المجاهدين، حيث سينظر لقرار مثل هذا أنه استجابة للنخب الحاكمة الفرنسية التي ترغب في إلغاء واجتثاث حزب الأفالان لتسهيل بناء علاقات طبيعية مع القوة الاستعمارية السابقة. ومن المتوقع جدا ألا يخرج الرئيس الجديد عن أسلافه، حيث كل الرؤساء الذين تداولوا على الحكم منذ مرحلة أحمد بن بلة، عملوا على تعديل الأفالان حسب أفكارهم وتوجهاتهم، وبسبب حاجته إلى قوة سياسية تسانده. ومن المنتظر أن يباشر تبون بمساعدة مخابر السلطة عملية إعادة صياغة وتركيب للحزب العتيد، تحسبا للانتخابات التي يعتزم القيام بها، وترحيل المنتخبين الحاليين، وغالبيتهم من رجال الأعمال ومجموعات اليمين التي استحوذت على مقاليد الحزب وقطعته عن جذوره ومبادئه وحاضنته الاجتماعية والشعبية، والإتيان بطاقم جديد من المنخرطين معه والمتحالفين معه. وأطلق تبون إشارات أنه لا يعتزم إنشاء حزب جديد خلال ندوته الصحفية، بالموازاة مع خططه لإجراء انتخابات محلية بعد تعديل قانون الانتخابات المقرر أن تجهزه سلطة تنظيم الانتخابات ويستدعي ذلك الاعتماد على حزب الأفالان. وبالنسبة للأرندي، يعد الوضع أكثر غموضا، ففيما يخطط عزالدين ميهوبي لإطلاق مشروع لتجديد التجمع، وإلغاء آثار أحمد أويحيى الذي يقبع في السجن، من غير المستبعد أن يواجه مقاومة شديدة من قبل أنصار الأخير. وكشف ميهوبي في ندوته الصحفية، أول أمس، أنه يخطط لتنظيم مؤتمر استثنائي للحزب، وعملية تجديد وتشبيب من المنتظر أن يتولاها هو شخصيا، والمضي في مشروع القطب الوطني، وهي فكرة غامضة، الذي يتوقع أن يضم الأفالان. ورغم توليه دور المتحدي في هذه الانتخابات، لا يحظى مسؤول الأرندي بثقة الفريق المنتصر في السلطة بحكم صلاته مع الفريق المطاح به. ولن يقبل الرئيس الجديد بتحول الأرندي إلى مركز مقاومة، يعزز قوى المقاومة الأخرى في الإدارة والدولة، وهي مراكز مقاومة أرهقت سلفه عبد العزيز بوتفليقة، حيث تطلب الأمر سنوات منه للحد من نفوذها وتأثيرها. وتصدى الحزبان المتحالفان في البرلمان، المشكل من فريق من رجال الأعمال، لعمليات ملاحقة بعض المتورطين في تبديد المال العام ونهب المقدرات الوطنية واستغلال النفوذ، خلال عمليات رفع الحصانة.